والواو داخلة في الأصل على أمة ، وقد فصل بينهما بقوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا) ؛ وهو جائز ؛ لأنه من جملة الكلام المعطوف.
(وَأَرِنا) : الأصل أرئنا ، فحذفت الهمزة التي هي عين الكلمة في جميع تصاريف الفعل المستقل تخفيفا ، وصارت الراء متحركة بحركة الهمزة ؛ والجمهور على كسر الراء.
وقرئ بإسكانها ، وهو ضعيف ؛ لأن الكسرة هنا تدلّ على الياء المحذوفة ؛ ووجه الإسكان أن يكون شبّه المنفصل بالمتصل ، فسكن كما سكن فخذ وكتف.
وقيل : لم يضبط الراوي عن القارئ ؛ لأن القارئ اختلس فظنّ أنه سكن.
وواحد (المناسك) منسك ، ومنسك ، بفتح السين وكسرها.
١٢٩ ـ (وَابْعَثْ فِيهِمْ) : ذكر على معنى الأمة ، ولو قال : «فيها» لرجع إلى لفظ الأمة.
(يَتْلُوا عَلَيْهِمْ) : في موضع نصب صفة لرسول.
ويجوز أن يكون حالا من الضمير في منهم ، والعامل فيه الاستقرار.
١٣٠ ـ (وَمَنْ يَرْغَبُ) : من استفهام بمعنى الإنكار ؛ ولذلك جاءت إلا بعدها ، لأنّ المنكر منفيّ ، وهي في موضع رفع بالابتداء ، ويرغب الخبر ، وفيه ضمير يعود على من. (إِلَّا مَنْ) : «من» في موضع نصب على الاستثناء.
ويجوز أن يكون رفعا بدلا من الضمير في يرغب.
ومن نكرة موصوفة ، أو بمعنى الذي.
و (نَفْسَهُ) : مفعول سفه ؛ لأن معناه جهل.
تقديره : إلا من جهل خلق نفسه أو مصيرها.
وقيل التقدير : سفّه ـ بالتشديد. وقيل التقدير في نفسه.
وقال القراء : هو تمييز ، وهو ضعيف ، لكونه معرفة.
(فِي الْآخِرَةِ) : متعلق بالصالحين ؛ أي وإنه من الصالحين في الآخرة ؛ والألف واللام على هذا للتعريف لا بمعنى الذي ؛ لأنك لو جعلتها بمعنى الذي لقدمت الصلة على الموصول.
وقيل : هي بمعنى الذي ، وفي متعلق بفعل محذوف يبيّنه (الصَّالِحِينَ) ، تقديره : إنه لصالح في الآخرة ، وهذا يسمى التّبيين ، ونظيره :
ربيته حتّى إذا تمعددا |
|
كان جزائي بالعصا أن أجلدا |
تقديره : كان جزائي الجلد بالعصا ؛ وهذا كثير في القرآن والشعر.
١٣١ ـ (إِذْ قالَ لَهُ) : إذ ظرف لاصطفيناه.
ويجوز أن يكون بدلا من قوله : في الدنيا.
ويجوز أن يكون التقدير : اذكر إذ قال.
(لِرَبِّ الْعالَمِينَ) : مقتضى هذا للفظ أن يقول : أسلمت لك ؛ لتقدم ذكر الربّ ، إلا أنه أوقع المظهر موقع المضمر تعظيما ؛ لأن فيه ما ليس في اللفظ الأول ؛ لأنّ اللفظ الأول يتضمّن أنه ربه ، وفي اللفظ الثاني اعترافه بأنه ربّ الجميع.
١٣٢ ـ (وَوَصَّى بِها) : يقرأ بالتشديد من غير ألف ، وأوصى بالألف ؛ وهما بمعنى واحد.
والضمير في «بها» يعود إلى الملّة.
(وَيَعْقُوبُ) : معطوف على إبراهيم ، ومفعوله محذوف ، تقديره : وأوصى يعقوب بنيه ؛ لأنّ يعقوب أوصى بنيه أيضا ، كما أوصى إبراهيم بنيه ؛ ودليل ذلك قوله : (إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي)؟ والتقدير : قال : يا بني ، فيجوز أن يكون إبراهيم قال : يا بني.
ويجوز أن يكون يعقوب.
والألف في (اصْطَفى) بدل من ياء بدل من واو ، وأصله من الصفوة ، والواو إذا وقعت رابعة فصاعدا قلبت ياء ، ولهذا تمال الألف في مثل ذلك.
(فَلا تَمُوتُنَ) : النهي في اللفظ عن الموت ، وهو في المعنى على غير ذلك. والتقدير :
لا تفارقوا الإسلام حتى تموتوا.
(وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) : في موضع الحال ، والعامل الفعل قبل إلّا.
١٣٣ ـ (أَمْ كُنْتُمْ) : هي المنقطعة ؛ أي بل أكنتم (شُهَداءَ)؟ على جهة التوبيخ.
(إِذْ حَضَرَ) : يقرأ بتحقيق الهمزتين على الأصل ، وتليين الثانية وجعلها بين بين ، ومنهم من يخلصها ياء لانكسارها.
والجمهور على نصب (يَعْقُوبَ) ، ورفع (الْمَوْتُ) ، وقرئ بالعكس ، والمعنيان متقاربان.
وإذ الثانية بدل من الأولى ؛ والعامل في الأولى شهداء ، فيكون عاملا في الثانية ؛ ويجوز أن تكون الثانية ظرفا لحضر ، فلا يكون على هذا بدلا.
و (ما) : استفهام في موضع نصب ب (تَعْبُدُونَ). و «ما» هنا بمعنى من ؛ ولهذا جاء في الجواب : إلهك.
ويجوز أن تكون «ما» على بابها ، ويكون ذلك امتحانا لهم من يعقوب.
و (مِنْ بَعْدِي) ؛ أي من بعد موتي ، فحذف المضاف.
(وَإِلهَ آبائِكَ) : أعاد ذكر الإله ، لئلا يعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار.
والجمهور على أن «آبائك» جمع التكسير.
و (إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) بدل منهم.
ويقرأ : «وإله أبيك» ؛ وفيه وجهان :
أحدهما ـ هو جمع تصحيح حذفت منه النون للإضافة ؛ وقد قالوا : أب وأبون وأبين ؛ فعلى هذه القراءة تكون الأسماء بعدها بدلا أيضا.
والوجه الثاني ـ أن يكون مفردا ؛ وفيه على هذا وجهان :
أحدهما : أن يكون مفردا في اللفظ مرادا به الجمع.