مقدمة
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله.
أمّا بعد :
فإنّا في غنى أن نقدّم لهذا الكتاب بمقدمة حول أهمية علم إعراب القرآن ، وأهمّ المتصدرين لهذا العلم من المتقدمين والمتأخرين ، وسرد الكتب التي صنّفت في ذلك. إذ هذا له مواضع مطوّلة ، ليست مقصودة في هذه الطبعة التي نخرجها تبسيطا للطلبة والدارسين في ثوب مميّز.
وسبب اختياري لهذا الكتاب كي ينشر ، يعود لشهرته وكثرة طبعاته ، وسعة مادته على اختصارها ، فقد طبع أول مرة سنة (١٨٦٠) في طهران ، ثم تلاها طبعات أخرى في الهند ومصر ... فانتشر انتشارا واسعا ، وهو أشهر كتب الإعراب فيما ذكر حاجي خليفة.
وقد لا حظنا أثناء تقليبنا للكتاب أنّ أبا البقاء رحمهالله اعتنى بذكر القراءات وتوجيهها ، وبيان الراجح منها في بعضها. وتوسّع بذكر شواذّ القراءات ، ووجّه المعنى بعد الإعراب لبيان مواضع الخلاف عند اختلاف القراءة ، وذكر المشكلات والمبهمات ، وحاول أن يسند توجيهه في الإعراب إلى أئمة النحو وعلمائه ومدارسه ، ويغلب انتصاره لأهل البصرة. ثمّ إنّه اعتنى بالتصريف كبير اعتناء ، فأرجع الألفاظ إلى أصولها ، وبيّن عللها ، واستشهد على هذا كلّه بما يحفظ من الشواهد الشعرية في تثبيت قاعدة أو وجهة لغوية.
لذا جاء هذا الكتاب جامعا في بابه ، وإن كان اقتصر فيه على المهمات ، لأنّ سرد ما يعرف ، أو ما كان من نافلة القول لم يكن مرادا في عصره ، وإنّما تطلّبه الناس الآن لبعدهم عن مبادئ النحو ، ومن بعد عن المبادئ لم يلزمه هذا الكتاب ولا غيره ، لأنّه مرحلة في التطبيق بعد المعرفة ، فلا يمكن تجاوز مرحلة عمّا قبلها لمن يريد الاستمرار في طريقة صحيحة للتعليم.
أمّا اعتنائي بهذا الكتاب فكان متابعة للنصّ وتصحيحه ، وتوزيعه على صفحات المصحف حسب الورود ، وحذف نصّ الآية من الكتاب للاستعاضة عنها بما أثبتنا من النصّ الكامل من المصحف. وتنظيم العمل فيه حتى يتمّ التعامل معه بالنظر إلى رقم الآية والبحث عنها في الترويسة ، وعن طريق بروز الحرف.
واعتمدنا في هذه النسخة على طبعة علي محمد البجاوي الواقعة في مجلدين باسم : «التبيان في إعراب القرآن». وقد سبق طبع الكتاب باسم «إملاء ما منّ به الرحمن في وجوه القراءات وإعراب القرآن» وليس من دليل على هذه التسمية ، بل النسخ الخطية والمصادر التي ذكرت الكتاب للمؤلف إنّما نصّت على «التبيان» ، وليس الاسم الذي اشتهر به الكتاب مطبوعا.
ونسأل الله تعالى أن نكون وفّقنا في إخراج هذا الكتاب ليناله القبول ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
|
١٢ / جمادى الأولى / ١٤١٩ ٣ / ٩ / ١٩٩٨ |