ترجمة المصنّف
هو العلّامة النحويّ ، البارع ، محبّ الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبريّ ، ثمّ البغداديّ الأزجيّ ، الضرير النحويّ الحنبليّ الفرضيّ ، صاحب التصانيف.
ولد سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة ببغداد. وينسب إلى عكبرا ، وهي بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ ، خرج منها جماعة من العلماء.
قال ابن النجار : كان أضرّ في صباه بجدريّ لحقه ، وكان يحبّ الاشتغال ليلا ونهارا ، ما يمضي عليه ساعة إلّا وأحد يقرأ عليه أو يطالع ، حتى إنّه بالليل تقرأ له زوجته في كتب الأدب وغيرها.
بقي مدة من عمره فقيد النظير ، متوحدا في فنونه التي جمعها من علوم الشريعة والآداب والحساب في سائر البلاد. وكان ثقة متدينا ، حسن الأخلاق متواضعا ، كثير المحفوظ.
قرأ القرآن بالروايات على عليّ بن عساكر البطائحيّ.
وقرأ الحديث وسمعه من أبي الحسن بن البطّي ، وأبي زرعة المقدسيّ ، وأبي بكر بن النقور ، وابن هبيرة الوزير.
وقرأ الفقه على القاضي أبي يعلى الصغير ، وأبي حكيم النهرواني حتى برع فيه.
وأخذ النحو من أبي محمد بن الخشّاب ، وأبي البركات بن نجاح.
وأخذ اللغة من ابن القصّاب ، ومكي بن ريّان الماكسيني الموصلي ، وأبي محمد عبد المنعم بن صالح التميميّ النحويّ.
وأفاد منه ابن الدّبيثي ، وابن النجّار ، والضياء المقدسي ، والجمال بن الصّيرفيّ ، وعلي بن عدلان بن حماد النحوي الموصلي ، وياقوت الحموي ، وعبد العظيم المنذري ، وأبو الفرج بن الحنبلي ، والكمال البزار البغدادي.
قال أبو الفرج بن الحنبلي : قرأت عليه كتاب «الفصيح» لثعلب ، من حفظي ، وقرأت عليه بعض كتاب «التصريف» لابن جني.
وقال المنذري : لنا منه إجازة كتبت لنا عنه غير مرة ، منها ما هو في شوّال سنة ثمان وستّ مئة.
كان معيدا للشيخ أبي الفرج بن الجوزي في المدرسة.
وكان بارعا في فقه الإمام أحمد بن حنبل ، وقد جاء إليه مرة جماعة من الشافعية ، فقالوا : انتقل إلى مذهبنا ، ونعطيك تدريس النحو واللغة بالنظامية ، فأقسم وقال : لو أقمتموني وصببتم عليّ الذهب حتى أتوارى ما رجعت عن مذهبي.
وكان أبو البقاء إذا أراد أن يصنّف كتابا ، أحضرت له عدة مصنفات في ذلك الفنّ ، وقرئت عليه ، فإذا حصّله في خاطره أملاه. فكان بعض الفضلاء يقول : أبو البقاء تلميذ تلامذته ، يعني : هو تبع لهم فيما يلقونه عليه.
وقال الشعر ، ومن شعره في الوزير ناصر بن مهدي العلويّ :
بك أضحى جيد الزمان محلى |
|
بعد أن كان من حلاه مخلى |
لا يجاريك في نجاريك خلق |
|
أنت أعلى قدرا وأعلى محلّا |
دمت تحيي ما قد أميت من الفض |
|
ل وتنفي فقرا وتطرد محلا |