فإن قيل : إذا قررت في الأول إحداهما مبتدأ كان القياس أن يكون والأخرى ؛ أي والأخرى فئة كافرة.
قيل : لما علم أنّ التفريق هنا لنفس المثنى المقدّم ذكره كان التعريف والتنكير واحدا.
ويقرأ في الشاذ «فئة تقاتل ، وأخرى كافرة» بالجر فيهما على أنه بدل من فئتين.
ويقرأ أيضا بالنصب فيهما على أن يكون حالا من الضمير في التقتا ؛ تقديره : التقتا مؤمنة وكافرة.
وفئة وأخرى على هذا للحال.
وقيل : فئة ، وما عطف عليها على قراءة من رفع بدل من الضمير في التقتا.
(تَرَوْنَهُمْ) : يقرأ بالتاء مفتوحة ، وهو من رؤية العين.
و (مِثْلَيْهِمْ) : حال ؛ و (رَأْيَ الْعَيْنِ) : مصدر مؤكد.
ويقرأ في الشاذ «ترونهم» ـ بضم التاء على ما لم يسمّ فاعله ، وهو من أري إذا دلّه غيره عليه ؛ كقولك ، أريتك هذا الثوب.
ويقرأ في المشهور بالياء على الغيبة.
فأما القراءة بالتاء فلأنّ أول الآية خطاب ، وموضع الجملة على هذا يجوز أن يكون نعتا صفة لفئتين ؛ لأنّ فيها ضميرا يرجع عليهما.
ويجوز أن يكون حالا من الكاف في لكم.
وأما القراءة بالياء فيجوز أن يكون في معنى التاء ، إلا أنه رجع من الخطاب إلى الغيبة ؛ والمعنى واحد ، وقد ذكر نحوه.
ويجوز أن يكون مستأنفا ؛ ولا يجوز أن يكون من رؤية القلب على كلّ الأقوال لوجهين :
أحدهما ـ قوله : رأي العين.
والثاني ـ أن رؤية القلب علم ، ومحال أن يعلم الشيء شيئين.
(يُؤَيِّدُ) : يقرأ بالهمز على الأصل وبالتخفيف ؛ وتخفيف الهمزة هنا جعلها واوا خالصة لأجل الضمة قبلها ، ولا يصحّ أن تجعل بين بين ، لقربها من الألف ، ولا يكون ما قبل الألف إلا مفتوحا ؛ ولذلك لم تجعل الهمزة المبدوء بها بين بين لاستحالة الابتداء بالألف.
١٤ ـ (زُيِّنَ) : الجمهور على ضمّ الزاي ، ورفع (حُبُّ).
ويقرأ بالفتح ونصب حبّ ، تقديره : زيّن للناس الشيطان ، على ما جاء صريحا في الآية الأخرى ، وحركت الهاء في (الشَّهَواتِ) لأنّها اسم غير صفة.
(مِنَ النِّساءِ) : في موضع الحال من الشهوات.
والنون في القنطار أصل ، ووزنه فعلال مثل حملاق.
وقيل : هي زائدة ، واشتقاقه من قطر يقطر إذا جرى.
والذهب والفضة يشبّهان بالماء في الكثير وسرعة التقلب.
و (مِنَ الذَّهَبِ) : في موضع الحال من المقنطرة.
(وَالْخَيْلِ) : معطوف على النساء ، لا على الذهب والفضة ؛ لأنّها لا تسمى قنطارا.
وواحد الخيل خائل ، وهو مشتقّ من الخيلاء ، مثل طير وطائر. وقال قوم : لا واحد له من لفظه ، بل هو اسم للجمع ، والواحد فرس ، ولفظه لفظ المصدر.
ويجوز أن يكون مخففا من خيل.
ولم يجمع (الْحَرْثِ) ، لأنّه مصدر بمعنى المفعول ؛ وأكثر الناس على أنه لا يجوز إدغام الثاء في الذال هنا لئلا يجمع بين ساكنين ؛ لأنّ الراء ساكنة ، فأما الإدغام في قوله : (يَلْهَثْ ذلِكَ) فجائز.
و (الْمَآبِ) : مفعل ، من آب يؤوب ، والأصل مأوب ، فلما تحرّكت الواو وانفتح ما قبلها في الأصل ، وهو آب ، قلبت ألفا.
١٥ ـ (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ) : يقرأ بتحقيق الهمزتين على الأصل ، وتقلب الثانية واوا خالصة لانضمامها ؛ وتليينها ؛ وهو جعلها بين الواو والهمزة ؛ وسوّغ ذلك انفتاح ما قبلها.
(بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) : «من» في موضع نصب بخير ؛ تقديره : بما يفضل من ذلك ، ولا يجوز أن يكون صفة لخير ؛ لأنّ ذلك يوجب أن تكون الجنة وما فيها مما رغبوا فيه بعضا لما زهدوا فيه من الأموال ونحوها.
(لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) : خبر المبتدأ الذي هو (جَنَّاتٌ). و (تَجْرِي) : صفة لها.
و (عِنْدَ رَبِّهِمْ) : يحتمل وجهين :
أحدهما ـ أن يكون ظرفا للاستقرار.
والثاني ـ أن يكون صفة للجنات في الأصل قدّم فانتصب على الحال ، ويجوز أن يكون العامل تجري.
و (مِنْ تَحْتِهَا) : متعلّق بتجري.
ويجوز أن يكون حالا من (الْأَنْهارُ) ؛ أي تجري الأنهار كائنة تحتها.
ويقرأ : جنات ـ بكسر التاء ، وفيه وجهان :
أحدهما ـ هو مجرور بدلا من خير ، فيكون للذين اتقوا على هذا صفة لخير.
والثاني ـ أن يكون مصوبا على إضمار أعنى ، أو بدلا من موضع بخير.
ويجوز أن يكون الرفع على خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو جنات ؛ ومثله : (بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ). ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى.
و (خالِدِينَ فِيها) : حال إن شئت من الهاء في تحتها ، وإن شئت من الضمير في اتقوا ، والعامل الاستقرار ، وهي حال مقدرة.
(وَأَزْواجٌ) : معطوف على جنات بالرفع.
فأمّا على القراءة الأخرى فيكون مبتدأ وخبره.
محذوف ، تقديره : ولهم أزواج.