.................................................................................................
______________________________________________________
وبتعبير آخر : إنّ الملازمة قد تكون خفية بمثابة يحتاج الالتفات اليها إلى تحقيق النظر والتدبّر ، ومن هذا القبيل ما يصدر عن أرباب العلوم من الإشكالات العلمية في أخذ بعضهم بعضا بما يقتضيه كلامهم من التوالي الفاسدة ، حيث إنّه لو لا خفاء الملازمة على صاحب الكلام لما يصدر عنه ما يلزم من التالي الفاسد ، وقد تكون أقلّ خفاء من السابقة وواضحة في الجملة بنحو يكفي في الانتقال إلى اللازم تصوّر الملزوم ولحاظ الملازمة من دون احتياج إلى تدقيق النظر في أصل الانتقال إلى الملازمة ويعبّر عن ذلك باللزوم البيّن بالمعنى الأعم وعن سابقه باللزوم غير البيّن ، وكما ذكرنا يعبّر عن القسم الأول باللزوم البيّن بالمعنى الأخص ووضوح الملازمة في القسم الأول بحيث لا يحتاج الانتقال إلى اللازم فيه إلى لحاظ الملازمة تفصيلا كما في القسم الثاني ولا إجمالا كما في القسم الأخير ، ومن هذا الأخير دلالة الآيتين على أقلّ الحمل ستة أشهر.
ثمّ إنّ ما يطلق عليه المفهوم من اللازم هو القسم الأول بحيث يكون الانتقال إلى مدلول الكلام كافيا في الانتقال إلى اللازم ، وحيث إنّ هذا النحو من اللزوم يتحقّق في المعاني الإفرادية أيضا ولا يطلق عليها المفهوم المصطلح عليه في مقابل المنطوق ، عرّف المفهوم بأنّه حكم غير مذكور أو حكم لغير مذكور (١).
أقول : لو كان المفهوم المصطلح من اللزوم البيّن بالمعنى الأخص الذي ذكره قدسسره لما كان اختلاف في ثبوت المفهوم للقضية الشرطية أو الوضعية كما لم يختلف أحد في الانتقال إلى البصر من سماع لفظ العمى أو إلى حاتم من سماع لفظ الجود.
__________________
(١) نهاية الأفكار ١ / ٤٦٨.