لا يلزم في حمل المطلق على المقيد ، فيما وجد شرائطه إلّا ذلك ، من دون حاجة فيه إلى دلالته على المفهوم ، فإنه من المعلوم أن قضية الحمل ليس إلّا أن المراد بالمطلق هو المقيد ، وكأنه لا يكون في البين غيره ، بل ربما قيل : إنه لا وجه للحمل لو كان بلحاظ المفهوم ، فإن ظهوره فيه ليس بأقوى من ظهور
______________________________________________________
ثبوت الحكم لذات الموصوف أو ذات المقيّد كما هو مقتضى أصالة التطابق بين مقام الإثبات والثبوت وأمّا عدم جعل سنخ ذلك الحكم للموصوف بوصف آخر أو للمقيّد بقيد آخر ونفيه عنهما فلا دلالة للقضية الوصفية عليه ، ولعل هذا معنى كون الأصل في القيود الاحترازية (١).
أقول : إذا ورد في خطاب ، النهي عن إكرام الفاسق وفي خطاب آخر النهي عن إكرام الفاسق المبدع ، أو ورد في خطاب «في الغنم زكاة» وفي خطاب آخر «في الغنم المعلوفة زكاة» لا مفرّ من الالتزام برفع اليد عن الإطلاق في الأوّل من الخطابين بالثاني منهما ، كما يرفع اليد عن الإطلاق في قوله «الماء طاهر لا ينجّسه شيء» بالمفهوم من «قولهم إذا كان الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء».
ثم لا يخفى إنّ في أصالة التطابق بالمعنى المذكور تأمّل ، لإمكان أن يكون الحكم في مقام الثبوت أيضا بحسب الجعل تدريجيّا بعد كونه انحلاليا فيعتبره لواجد القيد أوّلا ثمّ يعتبره لغير الواجد أيضا ويبيّنهما بخطابين فالثاني هو المطلق بعد ما بيّن الأوّل بالخطاب المقيّد.
وذكر المحقّق الاصفهاني قدسسره في وجه دلالة الوصف على المفهوم أنّ دلالة الوصف على انتفاء سنخ الحكم عن ذات الموضوع في فرض فقد الوصف لا يحتاج
__________________
(١) المحاضرات ٥ / ١٣٣.