.................................................................................................
______________________________________________________
بيان الحكم من تلك الجهة.
وأوضح منه قوله سبحانه وتعالى (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)(١) ، فإنّ المقدار المحرز منه هو كون الخطاب بصدد بيانه أنّ صيد الكلب المعلّم ليس كصيد غيره من الحيوانات التي يكون صيدها ميتة ، وأمّا بيان الجواز الذاتي وحلّية الحيوان الذي يصيده الكلب المعلّم فلا تكون الآية الكريمة بصدد بيانه فلا يجوز التمسك باطلاقها فيما إذا شك في كون الحيوان الذي صاده الكلب ممّا يحرم في الشريعة أكله وأنّه داخل في المسوخ مثلا أو لا يحرم أكله ، إذ ليست الآية في مقام بيان هذه الحلية الذاتية كما أنّه ليس في مقام بيان جواز أكل موضع عقر الكلب بلا غسل أيضا إذ لا يكون واردا في مقام جواز الأكل من حيث طهارة موضعه أو عدم البأس بنجاسته.
أمّا المحقّق النائيني قدسسره فقد ذهب إلى انحصار جواز التمسك بالاطلاق بما إذا أحرز أنّه في مقام بيان الحكم من جهة ، وأمّا إذا شك في كونه في مقام البيان من الجهة الأخرى ، أو احرز عدمه فلا يجوز التمسك بالإطلاق للالتزام بثبوت الحكم من سائر الجهات وذلك لعدم إحراز كونه في مقام البيان من غير الجهة المحرزة.
لا يقال : الأصل عند العقلاء في الخطاب الصادر هو كون المتكلم في مقام البيان من حيث تمام قيود الموضوع والمتعلق ، وإذا احتمل كونه في مقام البيان من سائر الجهات أيضا فالأصل يقتضى كونه في مقام البيان من الجهة المشكوكة أيضا.
فإنّه يقال : الأصل عند العقلاء وإن كان كما ذكر إلّا أنّ مورده ما إذا احتمل كونه في مقام الإهمال رأسا ، وأمّا إذا أحرز أنّه في مقام البيان من جهة ، وشك في كونه في
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٤.