قلت : دلالتها على العموم والاستيعاب ظاهرا مما لا ينكر ، لكنه من الواضح أن العموم المستفاد منهما كذلك ، إنما هو بحسب ما يراد من متعلقهما ، فيختلف سعة وضيقا ، فلا يكاد يدلّ على استيعاب جميع الافراد ، إلّا إذا أريد منه الطبيعة مطلقة وبلا قيد ، ولا يكاد يستظهر ذلك مع عدم دلالته عليه بالخصوص ، إلّا بالإطلاق وقرينة الحكمة ، بحيث لو لم يكن هناك قرينتها بأن يكون الإطلاق في غير مقام البيان ، لم يكد يستفاد استيعاب أفراد الطبيعة ، وذلك لا ينافي دلالتهما على استيعاب أفراد ما يراد من المتعلق ، إذ الفرض عدم الدلالة على أنه المقيد أو المطلق.
______________________________________________________
يكن دلالة النهي عن الطبيعي بترك جميع أفراده عقلا بالاستلزام لدلّ على ترك بعض أفراده ، ولكن لمّا كانت إرادة ترك البعض مجازا ، فكان ذلك دليلا على أنّ العموم فيه ليس بالإطلاق ، بل باستلزام طلب ترك الطبيعي ـ الذي هو المدلول الوضعي للنهى ـ عقلا لترك جميع أفراده.
وناقش الماتن قدسسره في هذا الجواب بأنّ دلالة وقوع الطبيعة في حيز النفي أو النهي وإن كان يستلزم العموم والاستيعاب إلّا أنّ الاستيعاب والعموم إنّما هو بحسب ما يراد مما وقع في حيزهما ، فإن كان المراد منه ـ أي من متعلّق النهي أو النفي ـ الطبيعي بلا قيد ، فيقتضيان انتفاء جميع أفراده أو الانتهاء عنها ، ولا بدّ من استظهار كون المتعلّق لهما كذلك من ملاحظة الإطلاق الموقوف على مقدّمات الحكمة ، بحيث لو لم يكن في البين قرينة الحكمة ـ بأن لم يكن المتكلّم في مقام البيان بالإضافة إلى قيود المتعلّق ـ لا يمكن أن يستفاد منهما استيعابهما لجميع أفراد متعلّقهما.
إلّا أن يدّعى كما أنّ لفظة «كل» وسائر أدوات العموم متكفّلة وضعا لإفادة عدم القيد لمدخولها واستيعاب الحكم الوارد في الخطاب لجميع أفراد مدخولها وهو