وإطلاق الوجوب بحيث ربما يترشح منه الوجوب عليها مع انحصار المقدمة بها ، إنما هو فيما إذا كان الواجب أهم من ترك المقدمة المحرمة ، والمفروض هاهنا وإن كان ذلك إلّا أنه كان بسوء الاختيار ، ومعه لا يتغير عما هو عليه من الحرمة والمبغوضية ، وإلّا لكانت الحرمة معلّقة على إرادة المكلف واختياره لغيره ، وعدم حرمته مع اختياره له ، وهو كما ترى ، مع أنه خلاف الفرض ، وأن الاضطرار يكون بسوء الاختيار.
إن قلت : إن التصرف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول والبقاء حرام ، بلا إشكال ولا كلام ، وأما التصرف بالخروج الذي يترتب عليه رفع الظلم ، ويتوقف عليه التخلص عن التصرف الحرام ، فهو ليس بحرام في حال من الحالات ، بل حاله حال مثل شرب الخمر ، المتوقف عليه النجاة من الهلاك في الاتصاف بالوجوب في جميع الأوقات.
______________________________________________________
منهي عنه ، أو مأمور به مع جريان حكم المعصية عليه ، أو لا يجري عليه حكم المعصية وجوه ، هذا على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي.
وأمّا بناء على جواز الاجتماع قيل إنّه مأمور به ومنهي عنه واختاره الفاضل القمي قدسسره ناسبا له إلى أكثر المتأخرين وظاهر الفقهاء وقد اختار قدسسره أنّ التصرف الخروجي فيها منهي عنه بالنهي السابق الساقط بالاضطرار ويستحق العقاب عليه لكونه عصيانا بالنهي السابق ولا يمكن أن يكون مأمورا به شرعا كما إذا لم يكن في البين توقف عليه للتخلّص عنه أو لم ينحصر التخلّص به ؛ لأنّ المكلف كان متمكنا من تركه بترك الدخول ولا يكون عند العقل معذورا في مخالفة النهي حتى مع اضطراره إلى ارتكابه بسوء اختياره ، وأنّ توقف انحصار التخلّص عن الحرام عليه لا يجدي في وجوبه لكونه بسوء الاختيار هذا بالإضافة إلى مراد الماتن قدسسره.
لا يقال : إذا كان الحرام مضطرا إليه بحيث لا بدّ للمكلف من ارتكابه فلا يكون ملاك وجوبه مؤثرا في وجوبه فإنّ ايجابه مع الاضطرار إليه من طلب الحاصل.