الباطن إلى اللّه عزوجل ، فكما لا تصحّ الصلاة التي هي وظيفة الجوارح الظاهرة ، إلاّ بتطهير الظاهر عن الأحداث والأخباث ، فكذلك لا تصحّ عبادة الباطن وعمارة القلب بالعلم ، إلاّ بعد طهارته عن (خبائث الأخلاق) (١) وأنجاس الأوصاف ، قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : «بُني الدين على النظافة» (٢) ، وهو كذلك ظاهراً وباطناً ، وقال اللّه عزوجل : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (٣) ؛ تنبيهاً للعقول على أنّ الطهارة والنجاسة غير مقصورة على الظواهر المدركة بالحِسّ ، فالمشرك ولو قد يكون نظيف الثوب مغسول البدن ، لكنّه نجس الجوهر خبيث الباطن .
ثمّ يجب عليه ثانياً : اكتساب ما به يحصل ضياء القلب ، وصفاء النيّة ، وجلاء الفكر (٤) وسائر لوازم إدراك حقيقة الحقّ وقبوله التام ، وما يستعدّ به لشمول التوفيق ونيل الهداية وحصول الإلهام من اللّه الربّ العلاّم .
قال اللّه سبحانه : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ) (٥) ، وقال أيضا : ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ) (٦) ، وقال عَزّ سلطانه : ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) (٧) .
__________________
(١) ما بين القوسين في «م» هكذا : الخبائث والأخلاق الرديّة .
(٢) إحياء علوم الدين ١ : ٤٩ .
(٣) سورة التوبة ٩ : ٢٨ .
(٤) في «م» : الأفكار والقلوب .
(٥) سورة الأنعام ٦ : ١٢٥ .
(٦) سورة الزمر ٣٩ : ٢٢ .
(٧) سورة النور ٢٤ : ٤٠ .