ثمّ إسخاط العباد في رضا اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله .
قال : وقد روى سعيد بن المسيّب (١) عن أنس ، قال : قال لي رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : «إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غشّ لأحد فافعل ، فإنّ ذلك من سنّتي ، ومن أحيا سنّتي فقد اُحبّني ، ومن أحبنّي كان معي في الجنّة» (٢) .
قال : فمن اتّصف بهذه الصفة فهو كامل المحبّة [للّه (٣) ] ، ومن خالفها في بعض ما ذكر فهو ناقص المحبّة ولا يخرج عن اسمها بدليل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم للذي حدّه في الخمر فلعنه بعضهم ، فقال : «لا تلعنه فإنّه يحبّ اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله » (٤) (٥) .
أقول : ولكن قد ينجرّ بكثرة المخالفة كمّاً وكيفاً إلى أن يخرج عن الاسم بالمرّة ، بل يحكم بنفاقه إن ادّعاها ، كما يشهد لهذا قول اللّه سبحانه وتعالى : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ) إلى قوله : ( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ
__________________
(١) سعيد بن المسيّب بن حَزْن بن أبي وهب المخزومي القرشيّ ، يكنّى أبا محمّد ، من التابعين ، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، وكان يعيش من التجارة بالزيت ، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب ، وقيل : لأربع ، واختلف في سنة وفاته على أقوال ، منها : أنّه مات سنة ٩٤ هـ .
انظر : وفيات الأعيان ٢ : ٣٧٥ / ٢٦٢ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٢١٧ / ٨٨ ، الأعلام ٣ : ١٠٢ .
(٢) سنن الترمذي ٥ : ٤٦ / ٢٦٧٨ .
(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر .
(٤) صحيح البخاري ٨ : ١٩٧ ، مشكاة المصابيح ٢ : ٥١ / ٣٦٢٥ .
(٥) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ : ٥٦ ـ ٥٨ ، وانظر : نسيم الرياض في شرح الشفا ٣ : ٣٥٧ .