الباب الثاني
في بيان الامتحان بميل النفوس إلى الهوى ورغبتها إلى الدنيا وزخارفها ، وما ينتج من ذلك وذكر النهي عنه .
اعلـم أنّ اللّه عزوجل حيـث أراد تبيان امتياز المطيعين له عن غيرهم ، واستحقاقهم لمزيد الأجر جعل ممّا امتحن عباده به أيضاً ميل طبائعهم إلى شهوات الدنيا ، ورغبتهم إلى ما زيّن لهم الشيطان من مرديات الهوى ، كحبّ الشهوات من النساء والبنين ، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، والخيل المسوّمة ، والأنعام والحرث ، لاسيّما حبّ الرئاسة والعزّ والجاه ، الذي هو عمدة أسباب التحاسد والتباغض والتنافس (١) ، بل الفتن والفساد ، والاختلافات ، والنفاق والكذبات ، بل ذلك اُمّ الفساد في العالم ؛ بحيث إنّه قد يرتكب الناس فيه قتل الأولاد والأحفاد ، ولا يبالون بذهاب الدين وهلاك العالمين ، ولقد كان ذلك شائعاً ذائعاً في زمن جميع الاُمم وهلمّ جرّاً إلى انقضاء العالم ، حتّى أنّ هذا كان سبب عداوة الشيطان لآدم عليهالسلام ، بل هو داء دفين في قلب كلّ شخص لا يسلم منه إلاّ من رحمهالله بالعصمة والتوفيق .
__________________
(١) في «ن» و«ش» و«س» : والمنافسات .