أو رأته أو ذاقته أو سمعته ، ردّته إلى القلب فيستيقن اليقين ويُبطل الشكّ .
قال هشام : فقلت له : فإنّما أقام اللّه القلب لشكّ الجوارح ؟ قال : نعم ، قلت : فلابدّ من القلب وإلاّ لم تستيقن الجوارح ؟ قال : نعم ، فقلت له : يا أبا مروان ، فاللّه تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماماً يُصحّح لها الصحيح وتتيقّن به ما شكّت فيه ، ويترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماماً لجوارحك تردّ إليه حيرتك وشكّك ؟
قال : فسكت ولم يقل لي شيئاً ، ثمّ التفت إليّ ، فقال لي : أنت هشام ابن الحكم ؟ فقلت : لا ، قال : أمِنْ جلسائه ؟ قلت : لا ، قال : فمن أين أنت ؟
قال : قلت له : من أهل الكوفة ، قال : فإذن أنت هو ، ثمّ ضمّني إليه وأقعدني في مجلسه ، وزال عن مجلسه وما نطق حتّى قمت .
قال : فضحك أبو عبداللّه [ عليهالسلام ] وقال : «ياهشام ، من علّمك هذا» ؟ قال : شيء أخذته منك وألّفته .
فقال : «هذا واللّه ، مكتوب في صحف إبراهيم وموسى عليهماالسلام » (١) .
هذا آخر الحديث ، وفيه : من الدلالة على لزوم وجود إمام من اللّه في كلّ عصر ، فائقاً على سائر الناس ، لا سيّما في العلم الذي يحتاجون إليه ، علماً مفيداً لليقين رافعاً للشكوك مزيلاً للخلاف ، وعلى عدم إتمام الحجّة وإكمال الدين والنعمة بدون ذلك ، وعلى أنّ هذا الأمر المذكور ـ بعد توجّه الذهن إليه والتفطّن به ـ مفاد صريح العقل وبداهة الفهم ما لا يخفى .
__________________
(١) الكافي ١ : ١٢٩ / ٣ (كتاب الحجة ـ باب الاضطرار إلى الحجة) ، أمالي الصدوق ٦٨٥ / ٩٤٢ .