قال هشام : يابن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، اُجلّك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك .
فقال أبو عبداللّه عليهالسلام : «إذا أمرتكم بشيءٍ فافعلوا» .
قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عُبيد ، فعظم ذلك عليّ فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة ، فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقةٍ كبيرةٍ فيها عمرو بن عبيد ، وعليه شملةٌ سوداء متّزر بها من صوف وشملة مرتدٍ بها والناس يسألُونه ، فاستفرجتُ الناس فأفرجوا لي ، ثمّ قعدت في آخر القوم على ركبتيّ ، ثمّ قلت : أيّها العالم ، إنّي رجل غريب ، أتأذن لي في مسألة ؟ فقال لي : نعم ، فقلت له : ألك عين ؟ فقال لي : يابُنيّ ، أيّ شيءٍ هذا من السؤال وشيء تراه كيف تسأل عنه ؟ فقلت : هكذا مسألتي ، فقال : يابنيّ ، سَلْ وإن كانت مسألتك حمقاء ، قلت : أجبني فيها ؟ قال لي : سَلْ ، قلت : ألك عين ؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص ، قلت : فلك أنف ؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به ؟ قال : أشمّ به الرائحة ، قلت : ألك فم ؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به ؟ قال : أذوق به الطعم ، قلت : فلك اُذن ؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الصوت ، قلت : ألك قلب ؟ قال : نعم ! قلت : فما تصنع به ؟ قال : اُميّز به كلّ ما ورد على هذه الجوارح والحواس ، قلت : أوَ لَيْس في هذه الجوارح غنىً عن القلب ؟ فقال : لا ، قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يابُنيّ ، إنّ الجوارح إذا شكّت في شيء شمّته
__________________
في وقته ومفتيها ، وله خطب ورسائل وكلام كثير في العدل والتوحيد وغير ذلك ، مات في سنة ١٤٤ ، وقيل : ١٤١ هـ في أيام المنصور .
انظر : سفينة البحار ٦ : ٤٧٨ ـ ٤٧٩ ، مروج الذهب ٣ : ٣٠٢ ، تاريخ بغداد ١٢ : ١٦٦ / ٦٦٥٢ ، وفيات الأعيان ٣ : ٤٦٠ / ٥٠٣ .