ثمّ قال : «يا طاقي ، كلّمه» فكلّمه ، فظهر عليه الأحول .
ثمّ قال : «ياهشام بن سالم ، كلّمه» ، فتعارفا .
ثمّ قال أبو عبداللّه عليهالسلام لقيس : «كلّمه» ، فكلّمه .
فأقبل أبو عبداللّه عليهالسلام يضحك من كلامهما ممّا قد أصاب الشامي ، فقال للشامي : «كلّم هذا الغلام» ـ يعني هشام بن الحكم ـ فقال الشامي : ياغلام ، سلني في إمامة هذا ؟ فغضب هشام حتّى ارتعد ، ثمّ قال للشامي : ياهذا ! أربّك أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم ؟ فقال الشامي : بل ربّي أنظر لخلقه ، قال : ففعل بنظره لهم ماذا ؟ قال : أقام لهم حُجّة ودليلاً ؛ كي لا يتشتّتوا أو يختلفوا ، ويتألّفهم ، ويقيم أوَدَهم ويخبرهم بفرض ربّهم . قال : فمن هو ؟ قال : رسول اللّه ، قال هشام : فمِن بعد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله مَن ؟ قال : الكتاب والسنّة .
قال هشام : فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنّة في رفع الاختلاف عنّا ؟ قال الشّامي : نعم ، قال : فلم اختلفتُ أنا وأنت ، وصرتَ إلينا من الشام في مخالفتنا إيّاك ؟ قال : فسكت الشامي .
فقال له أبو عبداللّه الشامي : «ما لك لا تتكلّم ؟» .
قال الشامي : إن قلت : لم نختلف كذبتُ ، وإن قلتُ : إنّ الكتاب والسنّة يرفعان عنّا الاختلاف أبطلتُ ؛ لأنّهما يحتملان الوجوه ، وإن قلت : قد اختلفنا وكلّ واحد منّا يدّعي الحقّ فلم ينفعنا إذاً الكتاب والسنّة ، إلاّ أنّ لي عليه هذه الحجّة .
فقال له أبو عبداللّه عليهالسلام : «سله تجده مليّاً» .
فقال الشامي : ياهذا ، من أنظر للخلق أربّهم أو أنفسهم ؟ فقال هشام : ربّهم أنظر لهم منهم لأنفسهم .