فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم (١) .
هذا ، مع أنّه نقل بعضهم عن مالك : تحريم الغناء ، وأنّه قال : إنّه فعل الفسقة (٢) .
وذكر صاحب تاريخ الإسلام في ترجمة داود العباسي (٣) : أنّ في الخلفاء وآبائهم وأهاليهم وأتباعهم قوماً أعرض أهل الجرح والتعديل عن كشف حالهم ؛ خوفاً من السيف والضرب ، وما زال هذا في كلّ دولة قائمة يصف المؤرّخ محاسنها ويغضي عن مساوئها، وإن كان المحدّث ذا دين وخير (٤) .
أقول : هذا نقل أقلّ قليل ممّا نقله المعتمدون عن المعدودين من أهل العلم والكمال فضلاً عن غيرهم ، ولو أردنا الاستقصاء لملئت الطوامير ، من أراد ذلك فعليه بكتاب الذهبي ، وكتاب ابن الأثير .
ولكن نحن من حيث لا نحبّ ذكر أمثال هذه الأشياء في هذا الكتاب ، نكتفي في كلّ مقام بذكر ما يمكن به إثبات المرام ، وربّما نزيد في بعض المواضع إلى أن يصل إلى حدّ الإيضاح التامّ ، وسيأتي أيضاً ـ لاسيّما في المقام الآتي ، وفي مقالات المقصد الثاني ، سيّما من السادسة إلى الأخيرة ـ مؤيّدات لما ها هنا .
__________________
(١) تاريخ بغداد ٦ : ٨١ ـ ٨٤ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٨١ ـ ١٩٠) : ٥٠ ـ ٥٢ .
(٢) تاريخ الإسلام (حوادث ١٧١ ـ ١٨٠) : ٣٢٨ بتفاوت في الألفاظ .
وانظر أيضاً : المدونة الكبرى ٤ : ٤٢١ ، والمغني لابن قدامة ٤ : ٢٦٤ ، والمجموع ١٢ : ٣٢٢ .
(٣) داود بن عليّ بن عبداللّه بن عبّاس ، يكنّى أبا سليمان الهاشمي العباسيّ ، عمّ المنصور والسفّاح ، وكان أوّل من ولاّه أبو العباس الكوفة والحجاز ، حدّث عن أبيه ، وروى عنه الأوزاعي ، والثوري ، وشريك ، وغيرهم ، ولد سنة ٨١ هـ ، ومات سنة ١٣٣ هـ .
انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٥١ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ٤٤٤ / ١٩٨ ، تهذيب التهذيب ٣ : ١٦٨ / ٣٧١ .
(٤) تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ٤١٢ .