يوم كذلك ؛ بحيث صار سبب هذا الاختلاف العظيم الموجود بينهم في كلٍّ منها إلى الآن ، حتّى أنّهم لا يدرون أنّه كان يقنت في الصلاة أم لا؟ وكان يجهر بالبسملة ، بل يبسمل أم لا؟ وكان يغسل رجله أو يمسح؟ وكيف كانت كيفيّة وضوئه وصلاته ؟ وفصول أذانه وإ قامته؟ وهلّم جرّاً .
حتّى نقلوا عن أنس خادم النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه كان يبكي في آخر عمره ، فيقول : لا أرى شيئاً ممّا كان في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله إلاّ هذه الصلاة ، وهي أيضاً قد ضُيّعت وغُيّرت (١) .
وكفاك شاهداً حصول الخلاف في أكثرها ؛ ضرورة عدم وجود الاختلاف في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلو أنّهم ضبطوها بعده على ما كان لم يوجد خلاف ولا اختلاف .
ألا تنظر إلى القرآن كيف هو مملوء من المعاتبات التي عاتبهم اللّه بها ، حتّى أنّه حكم صريحاً بوجود المنافق والفاسق والظالم وأمثالها فيهم ، كما قد ذكرنا نبذاً من ذلك في المطلب الأوّل .
وقد نقل في تاريخ الإسلام في ترجمة عبداللّه بن عبيد اللّه بن أبي مُليكة (٢) ، بعد أن ذكر توثيقه عن جمع : أنّ الصلت بن دينار (٣) روى
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ١٤١ (باب تضييع الصلاة عن وقتها) ، التعديل والتجريح ٢ : ١١٦ / ٩٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٩ : ٣٣٥ / ٨٢٩ ، تهذيب الكمال ١٩ : ٣٦٧ / ٣٨٠٩ ، البداية والنهاية ٩ : ٨٩ ، بتفاوت فيها.
(٢) يكنّى أبا محمّد التيمي المكي ، كان قاضياً لابن الزبير ، ولاّه قضاء الطائف ، ومؤذّناً له ، روى عن ابن عباس ، وابن عمر ، والمِسْور ، وغيرهم ، وعنه ابنه يحيى ، وابن أخيه عبد الرحمن بن أبي بكر ، ومات سنة ١١٧ هـ .
انظر : سير أعلام النبلاء ٥ : ٨٨ / ٣٠ ، كتاب التذكرة بمعرفة رجال الكتب العشرة ٢ : ٨٨٨ / ٣٤٣٤ ، تهذيب التهذيب ٥ : ٢٦٨ / ٥٢٣ .
(٣) الصلت بن دينار الأزدي الهنائي ، يكنّى أبا شعيب البصريّ ، المعروف بالمجنون ،