عرف من اُمّة (١) محمّد صلىاللهعليهوآله واجبَ حقّ إمامه ، وجد طعم حلاوة إيمانه ؛ لأنّ اللّه تعالى نصب الإمام علماً لخلقه ، وجعله حجّة على أهل موادّه وعالمه ، وألبسه اللّه تاج الوقار ، وغشّاه من نور الجبّار ، يُمدّ بسببٍ إلى السماء لا ينقطع عنه موادّه ، ولا يقبل اللّه أعمال العباد إلاّ بمعرفته ، فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى ومعمّيات السنن ومشبّهات الفتن .
فلم يزل اللّه تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليهالسلام من عقب كلّ إمام ، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ويرضى بهم لخلقه ويرتضيهم ، كلّما مضى منهم إمامٌ نصب لخلقه من عقبه إماماً علماً بيّناً وهادياً نيّراً وحجّة عالماً ، أئمّةً من اللّه يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، حجج اللّه ودعاته ورعاته على خلقه ، جعلهم اللّه حياة للأنام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام .
فالإمام هو المنتجب المرتضى والهادي المنتجى ، اختاره اللّه بعلمه ، وانتجبه لطهره ، بقيّة من آدم ، وخيرة من ذرّيّة نوح ، ومصطفى من آل إبراهيم ، وسلالة من إسماعيل ، وصفوة من عترة محمّد صلىاللهعليهوآله . . . .
لم يزل مرعيّاً بعين اللّه ، مطروداً عنه حبائل إبليس وجنوده ، مُبرّأً من العاهات ، محجوباً عن الآفات ، معصوماً من الزلاّت ، مصوناً عن الفواحش كلّها ، معروفاً بالحلم والبرّ في يفاعه (٢) ، منسوباً إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مسنداً إليه أمر والده ، صامتاً عن المنطق في حياته ، فإذا انقضت مدّة والده . . . وجاءت الإرادة من اللّه فيه . . . فمضى والده ، وصار أمر اللّه إليه من بعده ، وقلّده دينه ، وجعله الحجّة على عباده ، وقيّمه في
__________________
(١) في «ن» : أهل بيت .
(٢) في «م» : بقاعه .