هارون ، وعدّهم هو من أتباع رجل يسمّى يوذعان ، أو يهوذا ، ولا ينافي أيضاً كونه من ولد هارون .
وبالجملة : ذكر هو مع غيره ـ لاسيّما رجل أسلم من اليهود وكتب في ذلك كتاباً ـ : أنّ تلك الفرقة من أتباع رجل كان يحثّ على الزهد وتكثير الصلاة ، وينهى عن اللحوم والأنبذة ، وكان يزعم أنّ للتوراة ظاهراً وباطناً وتنزيلاً وتأويلاً ، وخالف بتأويلاته عامّة اليهود ، وخالفهم في التشبيه والرؤية والجبر ، وأثبت الفعل حقيقةً للعبد ، وقدّر الثواب والعقاب عليه ، وقال : إنّ الشريعة لا تكون إلاّ واحدة ، وإنّه تعالى لا يوصف بأوصاف البشر ، ولا يشبه شيئاً من المخلوقات ، ولا يشبهه شيء منها (١) ، وأمثال ذلك حتّى القول بالبداء والنسخ في بعض الأحكام .
أقول : سيأتي في بيان المذاهب ـ ومن الواضحات أيضاً ـ أنّ ما سوى مذهب الهاروني والقول بالرجعة بعينه مذاهب المخالفين ، كما أنّ قول الهاروني والرجعة عين مذهب الإماميّة ، ولا يبعد كون الهاروني أيضاً هو القائل بالرجعة ، بل هو الظاهر ، وكذا الإماميّة هم أشباه من عين المبشّر بعد موسى بأنّه عيسى بن مريم عليهالسلام ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله بعد عيسى ؛ لتعيينهم المهدي المبشّر في هذه الاُمّة بأنّه الحجة بن الحسن عليهالسلام ، فتأمّل ولا تغفل عن مشابهة إنكار الرجعة في هذه الاُمّة بإنكار الكفّار الحشر يوم القيامة ، فافهم .
ثمّ إنّ الرجل الذي أسلم وألّف كتاباً في ذلك قال : إنّ بعد مضيّ مدّةٍ تسلّط على بني إسرائيل جماعة من الملوك الكفرة وعبدة الأصنام ، وقتلوا
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١٦ ـ ٢١٨ بتفاوت .