على الخلائق من الحجج والأوصياء في عصر بعد عصر .
وليس كلّ من أقرّ من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمناً ، إنّ المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ محمّداً رسول اللّه ، ويدفعون عهد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بما عهد به من دين اللّه وعزائمه وبراهين نبوّته إلى وصيّه ، ويضمرون من الكراهة لذلك والنقض لما أبرمه عند إمكان الأمر لهم فيما قد بيّنه اللّه لنبيّه بقوله : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (١) .
وبقوله : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (٢) .
ومثل قوله : ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ) (٣) ، أي : لتسلكنّ سُبُلَ من كان قبلكم من الاُمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء ، وهذا كثير في كتاب اللّه [تعالى ] .
وقد شقّ على النبيّ صلىاللهعليهوآله ما يؤول إليه عاقبة أمرهم ، واطّلاع اللّه إيّاه على بوارهم ، فأوحى اللّه عزوجل إليه بقوله : ( فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) (٤) ، ( فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) (٥) » (٦) الخبر ، ومعناه واضح .
وستأتي أخبار من كتب القوم في تفسير بعض هذه الآيات بما فسّره
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٦٥ .
(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤ .
(٣) سورة الانشقاق ٨٤ : ١٩ .
(٤) سورة فاطر ٣٥ : ٨ .
(٥) سورة المائدة ٥ : ٦٨ .
(٦) الاحتجاج ١ : ٥٨٠ ـ ٥٨٤ / ١٣٧ ، بحار الأنوار ٦٨ : ٢٦٤ / ٢٣ .