واعلموا أنّه ليس من علم اللّه ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق اللّه في دينه بهوى ولا رأي ولا مقائيس ، وقد أنزل اللّه القرآن وجعل فيه تبيان كلّ شيء ، وجعل للقرآن ولتعلّم القرآن أهلاً ، لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم اللّه علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأي ولا مقائيس ، أغناهم اللّه عن ذلك بما آتاهم من علمه وخصّهم به ووضعه عندهم كرامة من اللّه أكرمهم بها ، وهم أهل الذكر الذين أمر اللّه هذه الاُمّة بسؤالهم ، وهم الذين مَن سألهم وتتّبع أثرهم أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى اللّه بإذنه وإلى جميع سبل الحقّ ، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم اللّه به وجعله عندهم ، إلاّ من سبق عليه في علم اللّه الشقاء ، فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر ، ويأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقائيسهم حتّى دخلهم الشيطان ؛ لأنّهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند اللّه كافرين ، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند اللّه مؤمنين ، وجعلوا ما أحلّ اللّه في كثير من الأمر حراماً وما حرّم اللّه حلالاً فذلك أصل ثمرة أهوائهم .
فواللّه ، إنّ للّه على خلقه أن يطيعوه ويتّبعوا أمره في حياة محمّد صلىاللهعليهوآله وبعد موته ، فكما لم يكن لأحد من الناس مع محمّد صلىاللهعليهوآله أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقائيسه خلافاً لأمر محمّد صلىاللهعليهوآله ، فكذلك لم يكن ذلك لأحد من الناس بعد محمّد صلىاللهعليهوآله .
ومن زعم أنّ أحداً ممّن أسلم مع محمّد صلىاللهعليهوآله أخذ برأيه ومقائيسه ، فقد كذب على اللّه وضلّ ضلالاً بعيداً .
واعلموا أنّ من لم يجعله اللّه من أهل صفة الحقّ ، فأُولئك هم شياطين الإنس والجنّ ، وأنّ لشياطين الإنس حيلةً ومكراً وخدائع ووسوسة