الصغرى ـ فقام إليه رجل ، فقال له : إنّي اُريد أن أسألك عن شيء ، فقال له : سل عمّا بدا لك .
فقال الرجل : أخبرني عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام أهو وليّ اللّه ؟ قال : نعم .
قال : أخبرني عن قاتله لعنه اللّه أهو عدّو اللّه ؟ قال : نعم !
قال : فهل يجوز أن يسلّط اللّه عزوجل عدّوه على وليّه ؟
فقال له أبو القاسم : افهم عنّي ما أقول لك : اعلم أنّ اللّه تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان ، ولا يشافههم بالكلام ، ولكنّه جلّت عظمته يبعث إليهم من أجناسهم وأصنافهم بشراً مثلهم ، ولو بعث إليهم رسلاً من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم ، فلمّا جاؤوهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق قالوا لهم : أنتم مثلنا لا نقبل منكم حتّى تأتونا بشيء نعجز عن أن نأتي بمثله فنعلم أنّكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه ، فجعل اللّه عزوجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها ، فمنهم : من جاء بالطوفان بعد الإنذار والأعذار ، فغرق جميع من طغى وتمرّد ، ومنهم : من اُلقي في النار فكانت عليه برداً وسلاماً ، ومنهم : من فلق له البحر ، وجعل له العصا ثعباناً ، ومنهم : من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن اللّه ، ومنهم : من انشقّ له القمر وكلّمته البهائم وغير ذلك .
فلمّا أتوا بمثل ذلك عجز الخلق من اُممهم أن يأتوا بمثله ، وكان من تقدير اللّه جلّ جلاله ولطفه بعباده وحكمته أن جعل أنبياءه مع هذه
__________________
يوصف ، توفّي رحمهالله في شعبان سنة ٣٢٦ ، وقبره ببغداد .
انظر : أعيان الشيعة ٦ : ٢١ ، وتنقيح المقال ١ : ٣٢٨ / ٢٩١٠ .