______________________________________________________
وغلّطه العلامة في المختلف في ذلك قائلا : إنه بحكم الصائم وإنه لا يسقط عنه التكليف بنومه لزوال عذره سريعا (١).
وذكر الشارح ـ قدسسره ـ نحو ذلك ثم قال : إن تكليف النائم والغافل وغيرهما ممن يفقد شروط التكليف قد ينظر فيه من حيث الابتداء به ، بمعنى توجه الخطاب إلى المكلف بالفعل وأمره بإيقاعه على الوجه المأمور به بعد الخطاب ، وقد ينظر فيه من حيث الاستدامة بمعنى أنه لو شرع في الفعل قبل النوم والغفلة وغيرهما ثم عرض له ذلك في الأثناء ، والقسم الأول لا إشكال في امتناع التكليف به عند المانع من تكليف ما لا يطاق من غير فرق بين أنواع الغفلة ، وهذا هو المعنى الذي أطلق الأكثر من الأصوليين وغيرهم امتناعه ، كما يرشد إلى ذلك دليلهم عليه وإن أطلقوا الكلام فيه ، لأنهم احتجوا عليه بأن الإتيان بالفعل المعين لغرض امتثال الأمر يقتضي العلم به المستلزم للعلم بتوجه الأمر نحوه ، فإن هذا الدليل غير قائم في أثناء العبادة في كثير من الموارد إجماعا ، إذ لا تتوقف صحتها على توجه الذهن إليها فضلا عن إيقاعها على الوجه المطلوب كما سنبينه ، وأما الثاني فالعارض قد يكون مخرجا عن أهلية الخطاب والتهيؤ له أصلا كالجنون والإغماء على أصح القولين ، وهذا يمنع استدامة التكليف كما يمنع ابتداءه ، وقد لا يخرج عن ذلك كالنوم والسهو والنسيان مع بقاء التعقل ، وهذه المعاني وإن منعت من ابتداء التكليف بالفعل لكن لا تمنع استدامته إذا وقع على وجهه (٢) ، هذا كلامه رحمهالله وهو غير جيد ، فإن كلام الأصوليين مطلق في امتناع تكليف الغافل ، وكذا الدليل الذي عوّلت عليه الإمامية في امتناع ذلك من كونه قبيحا عقلا لجريانه مجرى تكليف البهائم والجمادات صريح في سقوط التكاليف كلها عنه ، وكذا حديث رفع القلم.
__________________
(١) المختلف : ٢٢٨.
(٢) المسالك ١ : ٧٥.