فقال : « لا تدخلوا بيوتا الله معرض عن أهلها » (١).
وقد يستدلّ عليها برواية مسعدة بن زياد : إنّي أدخل كنيفا لي ، ولي جيران عندهم جوار يتغنّين ويضربن بالعود ، فربّما أطلت الجلوس استماعا لهنّ ، فقال : « لا تفعل » ، فقال الرجل : والله ما آتيهنّ ، وإنّما هو سماع أسمعه بأذني ، فقال : « لله أنت ، أمّا سمعت الله يقول ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً ) (٢) » فقال : بلى والله لكأنّي لم أسمع بهذه الآية ، إلى أن قال : « قم فاغتسل وصلّ ما بدا لك ، فإنّك كنت مقيما على أمر عظيم ، ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك » الحديث (٣).
أقول : أمّا الإجماع فظاهر أنّ الثابت منه ليس إلاّ حرمة الغناء في الجملة ، ولا يفيد شيئا في موضع الخلاف.
وأمّا الكتاب فظاهر أنّه لا دلالة للآيتين الأخيرتين على الحرمة أصلا ، مضافا إلى ما يظهر من بعض الأخبار المعتبرة من تفسير اللغو بغير الغناء ممّا يباينه أو يعمّه.
وأمّا الآية الثانية ، فلا شكّ أنّه لا دلالة للأخبار المفسّرة لها بنفسها على الحرمة ، بل الدالّ عليها هو الآية بضميمة التفسير ، فيكون معنى الآية : ومن الناس من يشتري الغناء ليضلّ عن سبيل الله ويتّخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين. فمدلولها حرمة الغناء الذي يشترى ليضلّ عن سبيل الله ويتّخذها هزوا ، وهو ممّا لا شكّ فيه ، ولا تدلّ على حرمة غير ذلك ممّا
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤٣٤ ـ ١٨ ، الوسائل ١٧ : ٣٠٦ أبواب ما يكتسب به ب ٩٩ ح ١٢.
(٢) الإسراء : ٣٦.
(٣) الكافي ٦ : ٤٣٢ : ١٠ ، الفقيه ١ : ٤٥ ـ ١٧٧ ، التهذيب ١ : ١١٦ ـ ٣٠٤ ، الوسائل ٣ : ٣٣١ أبواب الأغسال المندوبة ب ١٨ ح ١.