فلم تبق من الآيات الكريمة إلاّ الآية الاولى ، وسيجيء الكلام فيها.
وأمّا الأخبار ، فظاهر أنّ الروايات المانعة عن بيع المغنّيات وشرائهنّ والاستماع لهنّ لا دلالة لها على حرمة المطلق ، إذ لا شكّ انّ المراد منهنّ ليس من من شأنه أن يتغنّى ويقدر على الغناء ، لعدم حرمة بيعه وشرائه قطعا. بل المراد : الجواري اللاّتي أخذن ذلك كسبا وحرفة ، كما هو ظاهر الأخبار المانعة عن كسبهنّ وأجرهنّ.
وعلى هذا ، فتكون إرادتهنّ من المغنّيات ـ الموضوعة لغة لمن يغنّي مطلقا إمّا مع بقاء المبدأ أو مطلقا ـ مجازا ، فيمكن أن يكون المراد بهنّ اللاّتي كنّ في تلك الأزمنة ، وهنّ اللاّتي أخذنها كسبا وحرفة في محافل الرجال والأعراس ، بل الظاهر أنّه لم يكن يكسب بغيرهما ، وفي رواية أبي بصير المتقدّمة ـ المقسّمة لهنّ إلى اللاّتي يدخل عليهن الرجال واللاّتي تزفّ العرائس ـ دلالة على ذلك.
وأمّا سائر الروايات ، فبكثرتها وتعدّدها خالية عن الدلالة على الحرمة أصلا ، إذ لا دلالة ـ لعدم الأمن من الفجيعة ، وعدم إجابة الدعوة ، وعدم دخول الملك ، وكونه عشّ النفاق أو مورثه أو منبته ، أو كونه مع الباطل ، أو الحشر أعمى وأصمّ وأبكم ، أو بعث الشيطان للضرب على الصدر ، أو تعقيب الفقر ، أو عدم سماع صوت الروحانيّين ، أو أعراض الله عن أهله ـ على إثبات الحرمة ، لورود أمثال ذلك في المكروهات كثيرا.
مع أنّ روايتي جامع الأخبار ورواية المجمع (١) عن طريق العامّة لا حجّية فيها أصلا.
__________________
(١) المتقدّمة جميعا في ص : ١٣٢ و ١٣٣.