وأصواتها ، وإيّاكم ولحون أهل الفسوق والكبائر ، فإنّه سيجيء بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانيّة ، لا يجوز تراقيهم ، قلوبهم مقلوبة ، وقلوب من يعجبه شأنهم ».
مضافا إلى عدم الدلالة ، أمّا الأول فلمنع كون مطلق الترجيع غناء.
فإن قلت : إذا ضمّ معه الحزن المأمور به في الروايات يحصل الغناء.
قلنا : المأمور به هو حزن القارئ ، والمعتبر في الغناء حزن المستمع ، وشتّان ما بينهما.
وأمّا الثاني ، فلجواز أن يكون المراد طلب الغناء ودفع الفقر.
وفيه : أنّ الرواية ليست معارضة لما ذكر ، بل مؤكّدة له ، للأمر بالقراءة بألحان العرب ، واللحن هو التطريب والترجيع.
قال في النهاية الأثيريّة : اللحون والألحان جمع لحن ، وهو التطريب ، وترجيع الصوت ، وتحسين القراءة ، والشعر والغناء (١).
وقال في الصحاح : ومنه الحديث : « اقرءوا القرآن بلحون العرب » ، وقد لحن في قراءته : إذا طرب وغرد ، وهو ألحن الناس إذا كان أحسنهم قراءة وغناء (٢). وقال أيضا : الغرد ـ بالتحريك ـ التطريب في الصوت ، والغناء (٣).
وأمّا النهي عن لحون أهل الفسوق والكبائر وذمّ أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانيّة ، فلا يدلّ إلاّ على النهي عن نوع خاصّ من الترجيع ، وهو ترجيع الغناء والنوح والرهبانيّة ، ولعدم معلوميّته يجب العمل
__________________
(١) النهاية ٤ : ٢٤٢.
(٢) الصحاح ٦ : ٢١٩٣.
(٣) الصحاح ٢ : ٥١٦.