وعلى الأول : إمّا تجب فيه النيّة ، أو لا.
فإن كان واجبا مطلقا على الأجير لا ترد عليه الإجارة ، ولا يجوز أخذ الأجرة عليه مطلقا ، لأنّ هذا الفعل إمّا ليس فيه منفعة للمستأجر ، أو تكون فيه منفعة له.
فإن لم تكن فيه منفعة فلا معنى للإجارة والأجر فيه ، لأنّ الأجر عبارة عمّا يؤخذ عوضا عن شيء ينتقل إلى المستأجر ، فإذ لا منفعة له فيه فلا نقل ، فلا أجر ولا إجارة.
وكذلك إن كانت فيه منفعة له ، كإنقاذ ولده الغريق ، لأنّ إيجاب الله سبحانه هذا الفعل على الأجير وطلبه منه تمليك للمستأجر لهذه المنفعة من الأجير ، ولا تجوز الإجارة ولا أخذ الأجرة عن شخص بعوض أداء ما يملكه.
وهذا ظاهر ، وفيما تجب فيه النية أظهر ، لأنّ منافع العبد بأسرها ملك الله سبحانه ، وهو وإن أذن له في التصرّف فيها بأنحاء التصرّفات ، إلاّ أنّ إيجابه سبحانه لفعل له عزّ شأنه يوجب عدم الإذن للعبد في التصرّف في تلك المنفعة وأخذ العوض عنها ونقلها إلى الغير. بل الإيجاب تفويت تلك المنفعة وإخراجها من يده ، لأنّ إيجاب المنفعة طلب من الله سبحانه هذه المنفعة لنفسه وعدم كونها مملوكة للعبد ، فلا يجوز أخذ العوض عنها.
ثمَّ لا فرق في ذلك بين ما كان وجوبه عينا أم كفاية ، لأنّ الواجب الكفائي أيضا واجب مشروط على كلّ أحد ، وشرطه عدم العلم بفعل غيره ، وهو متحقّق فيما نحن فيه.
ويدلّ على المطلوب أيضا : أنّ عموم أدلّة الإجارة بحيث يشمل المورد غير معلوم ، والأصل في المعاملات الفساد ، إلاّ أنّ ذلك لا يثبت إلاّ