وتوهّم اتّحاد القولين الأخيرين باطل ، لأنّ الذاتي قد تكون فيه النيّة وقد لا تكون ، كردّ الأمانة ، وأداء الدين ، ومضاجعة الزوجة ، ونحوها.
ونسب الخلاف إلى السيّد في تغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم بالنسبة إلى غير الولي (١) ، وهو بالخلاف في الموضوع أشبه ، فإنّه لا يقول بوجوب هذه الأمور على غير الولي.
واستدلّ عليه تارة بالإجماع. وهو ـ لعدم ثبوته إلاّ في الجملة ـ قاصر عن إفادة تمام المطلوب.
واخرى بمنافاته للإخلاص المأمور به. وهو ـ مع اختصاصه بما يتوقّف على النيّة ـ ممنوع ، لإمكان الإخلاص غبّ (٢) إيقاع عقد الإجارة ، فإنّ العمل يصير بعده واجبا ، ويصير من قبيل ما لو وجب بنذر وشبهه ، فيمكن تحقّق الإخلاص في العمل ، وإن صارت الأجرة سببا لتوجه الأمر الإيجابي إليه.
وبذلك صحّح جماعة جواز الأجرة على استئجار الصلوات على الأموات (٣).
والتحقيق أن يقال : إنّ مورد الإجارة إمّا ما هو واجب على الأجير عينا أو كفاية ، أو على المستأجر.
وعلى الأول : إمّا دلّ دليل على وجوبه مطلقا ، أي من غير تقييد بأخذ الأجرة عليه ، أو ليس كذلك.
وعلى التقادير : إمّا يكون واجبا ذاتيّا ، أو توصّليّا.
__________________
(١) نسبه إليه في شرح جمل العلم والعمل : ١٤٨.
(٢) غبّ كلّ شيء : عاقبته ـ الصحاح ١ : ١٩٠.
(٣) منهم صاحب الرياض ١ : ٥٠٥.