ولا من السنّة ، بل قد يستنبط منهما خلافه ، إذ هذا معاونة على الإثم ومعونة للظالم ، وقول بأنّ له ولاية وعهدا من الله عزّ وجلّ ، إذ من لا سلطنة له من الله ورسوله في أمر جاز خلافه في ذلك الأمر ، والكتاب والسنّة قاطعتان بالنهي عن هذه الأمور.
وأيضا لو كان الأمر على ما ذكر لم يكن على الجابي والعامل وأمثالهما من الجور شيء ، نظرا إلى أنّ أخذهم وجمعهم إنّما هو لما يحرم على المأخوذ منه منعه ، وهو نوع برّ وإحسان بالنسبة إلى المأخوذ منه ، ومعاونة على إبراء ذمّته من الواجب.
وهذا ـ مع كونه فتح باب لإقامة الباطل وخمول الحقّ المنفيّين عقلا ونقلا ـ مردود بخصوص ما رواه الشيخ ، ونقل روايات دالّة على المنع من الدخول في أعمالهم.
قال : وفيه نظر ، لأنّ كون ذلك إثما إنّما يكون على تقدير كون أخذ الجائر حراما مطلقا بأيّ غرض كان ، وهو ممنوع ، وقد مرّت الإشارة إليه ، وتقوية الظالم إنّما يسلّم تحريمه في الظلم ، وفي مطلقه إشكال (١). انتهى.
أقول : لا ينبغي الريب في كون تصرّف الجائر المخالف وتقبيله لتلك الأراضي محرّما منهيّا عنه ، كيف؟! وقد صرّح في الرواية التاسعة (٢) بكون تصرّف غير الشيعة فيها حراما ، وخصّص في غير واحد من الأخبار (٣) تحليل الحقّ بالشيعة ، وكيف لا يكون حراما؟! وهو تتمّة غصب منصب الولاية ، وهذا الجائر هو الغاصب وهو المانع عن استقلال الإمام في زمان
__________________
(١) الكفاية : ٨٠.
(٢) المتقدّمة في ص : ٢١٢.
(٣) انظر الوسائل ٩ : ٥٤٣ أبواب الأنفال ب ٤.