ومن لم يظهر ذلك الإجماع له ، ولم يعثر على دليل آخر أيضا على الاشتراط ، يوسّع في تحقّق البيع بما يتحقّق به لغة أو عرفا. وإلى هذا ينظر من اكتفى بمطلق اللفظ أو بالمعاطاة أيضا.
وهاهنا أمر آخر ، وهو أنّه بعد تعيين معنى البيع أو ما يتحقّق به البيع عرفا ـ وأنّه ما سيأتي من أنّه ما يدلّ على نقل المالك ملكه به إلى آخر بعوض معلوم بالطريق المعهود ـ قد يقع الخلاف في الدالّ.
فقد يقال : باختصاص الدالّ الصريحي بالصيغة المخصوصة ، فلذا يقول باختصاص تحقّق البيع بها. وإلى هذا نظر طائفة من المشترطين للصيغة.
وقد لا يقال بالاختصاص ، فيعمّم.
وإذ عرفت ذلك تعلم أنّ وظيفتنا أولا الفحص عن أنّه هل للبيع معنى لغوي أو عرفي نعلمه ، وأنّه ما هو؟
فنقول : إنّ من البديهيّات التي لا شكّ فيها : أنّ لفظي البيع والشراء ممّا يستعمله عامّة الناس من أهل الأسواق والبوادي والخارجين عن شريعتنا ـ بل عن مطلق الشريعة ـ استعمالا خارجا عن حدّ الإحصاء ، وليسوا شاكّين في معناه ، ولا متردّدين ، ولا محتاجين في فهمه إلى القرينة ، فهذا يقول : بعت واشتريت ، وذاك : أبيع وأشتري ، وثالث : هل يبيع وهل يشتري ، إلى غير ذلك ، ويفهم المخاطب مراده من غير قرينة أصلا ، ولو لم يعلم القدر المجمع عليه شرعا ، ولم يفهم إجماعا أو شرعا ، ولم تقرع سمعه صيغة ، فيقطع بذلك أنّ ما يتحقّق به البيع عرفا أمر مضبوط معلوم عند أهل العرف مع قطع النظر عن الشرع ، وهو ما يدلّ عرفا على نقل المالك ملكه به إلى آخر بعوض بقصد المبايعة ، إذ عند حصول ذلك