لأنّه لا فاصلة يعتدّ بها بين وقتي المخالفة والإكراء في المورد ، كما يدلّ عليه صدر الحديث.
والمراد بالمخالفة في الحديث : التصرّف بدون الإذن دون التصرّف مع النهي ، لعدم نهي صاحب البغلة عن التجاوز.
فلا يرد أنّ المخالفة غير متحقّقة فيما نحن فيه ، واختصاصها بالعالم بأنّه ملك الغير غير ضائر ، لعدم القول بالفصل.
احتجّ المخالف الأول بأنّ اشتغال ذمّة المتصرّف يقيني ، ولا يحصل بالبراءة إلاّ بدفع أعلى القيم.
وبأنّه مضمون في جميع حالاته ، التي من جملتها حالة أعلى القيم ، ولو تلف فيها لزم ضمانه ، فكذا بعده.
ويرد على الأول : أنّ المتيقّن اشتغال ذمّته به هو أدنى القيم من القيم الأربعة المذكورة ، لا مطلقا.
وعلى الثاني : أنّ ضمان العين في تلك الحالة غير مفيد ، وضمان القيمة إنّما هو على تقدير التلف لا مطلقا.
وقال صاحب الكفاية لتقوية هذا القول : إنّ المتصرّف في أول زمان التصرّف مكلّف بإيصال العين إلى المالك في ذلك الوقت ، فإن لم يفعل كان عليه أن يجبر النقصان الذي حصل للمالك بسببه ، وهو إمّا بردّ العين في زمان آخر ، أو قيمته في الزمان الأول عند تعذّر ذلك ، وكذلك في الزمان الثاني والثالث ، فإذا فرض زيادة القيمة في بعض هذه الأزمنة كان عليه ردّها عند تعذّر العين (١).
__________________
(١) الكفاية : ٢٥٧.