عند الأطبّاء والمعاجين التي يصنعونها مالا ، مع أنّ ترتّب المنافع المذكورة لها عليها ليس إلاّ ظنّيا ، ولا يحتاج إلى كثير منها إلاّ نادرا.
نعم ، الظاهر عدم كفاية الاحتمال ، للأصل ، ولهذا قالوا : لا يصحّ بيع مثل الخفافيش (١) والعقارب والجعلان (٢) والقنافذ ونحوها ، ولا اعتبار بما يورد في الخواصّ من منافعها ، فإنّه لا يحصل ممّا أورد علم ولا ظنّ ، ولو فرض حصول العلم أو الظنّ لا نقول بعدم صحّة بيعها ، وعدم عدّها مالا لأجل عدم الظنّ ، ولو حصل يلتزم عدّها من المال.
وعلى هذا ، فلو فرض وقوع مرض بين أهل بلدة اجتمعت حذّاق الأطبّاء ، بل لو قال طبيب حاذق : أنّ علاجه دهن العقرب أو دم الخفّاش ، ولم يتهيّأ لكلّ أحد جمعهما ، فيجوز لمن أخذهما بيعهما ، ويكون صحيحا.
وقد يكون الشيء ممّا ينتفع به ويكون مالا ، ولكن يبلغ في القلّة حدّا لا ينتفع به ولا يعدّ مالا عرفا ، كالحبّة والحبّتين من الحنطة ، وصرّح جماعة بعدم جواز بيعه (٣).
قال في التذكرة : لا يجوز بيع ما لا منفعة فيه ، لأنّه ليس مالا ، فلا يؤخذ في مقابلته المال ، كالحبّة والحبّتين من الحنطة ، ولا نظر إلى ظهور الانتفاع إذا انضمّ إليها أمثالها ، ولا إلى أنّها قد توضع في الفخ أو تبذر ، ولا فرق بين زمان الرخص والغلاء ، ومع هذا فلا يجوز أخذ حبّة من صبرة
__________________
(١) في نسخة من « ح » : الخنافيس.
(٢) الجعل : دويبة معروفة تسمى الزعقوق ، تعضّ البهائم في فروجها فتهرب ، وهو أكبر من الخنفساء ، شديد السواد ، في بطنه لون حمرة ، للذكر قرنان ـ حياة الحيوان ١ : ٢٧٨.
(٣) انظر الإرشاد ١ : ٣٦١ والحدائق ١٨ : ٤٣٠.