لمّا رأى بينهم اختلافا شديدا في أمر تلك الضيعة قبل الدفع إليهم ، أو في أمر آخر ، وليس يأمن أنّه إذا دفعها إليهم يتفاقم الأمر بينهم ، فهل يدعها موقوفة ، أو يرجع عن الوقف ويدفع إليهم ثمنها ، وأيّهما أفضل؟
وعلى هذا ، فمقتضى ترك الاستفصال جعل الرواية أعمّ من القبض وعدمه ، وتخصّص بها أخبار المنع.
ولا يتوهّم أنّ تعارضها مع أخبار المنع المتقدّمة (١) بالعموم من وجه ، حيث إنّ لأخبار المنع جهة خصوص ، لكون المراد منها بعد القبض قطعا ، كما أنّ الصحيحة أيضا مختصّة بحال الاختلاف ، ولا مرجّح لأحدهما يمكن الاعتماد عليه ، فالتعويل على تلك الرواية فقط في بيع الوقف مشكل.
لأنّ المناط في التعارض هو ظاهر الخبر ، دون ما يؤول إليه بعد الجمع بينه وبين سائر المعارضات ، كما بيّنا في كتاب عوائد الأيّام (٢) ، وعلى هذا فتكون أخبار المنع أعمّ مطلقا ، لأعمّيتها من القبض وعدمه ، والصحيحة مخصوصة بحال الاختلاف.
ومنه يظهر جواز البيع في تلك الحال.
هذا هو المستفاد من الاولى.
وتدلّ الثانية على جواز بيعه مع احتياج الموقوف عليه ، وكون البيع خيرا ، واتّفاق الكلّ مع التعدّد. وهي مختصّة بما بعد القبض ، من جهة كون الحكم لورثة القرابة ، ولأجل دلالة المفهوم على عدم الجواز مع عدم رضا الكلّ وعدم الخيريّة ، وليس قبل القبض كذلك.
ومنه أيضا يظهر عدم جواز حمل الأرض على حصّة الرجل الذي
__________________
(١) في ص : ٣٠٨.
(٢) عوائد الأيام : ١١٩.