وردّ الثاني : بأنّ أصالة عدم التغيّر تنفع لو ثبت أنّ البيع الواقع من أفراد اللازم ، فهذا الأصل يستصحب لزومه ، وأمّا مع الشكّ في كونه لازما فأصالة عدم التغيّر لا تنفع في جعله لازما ، فتكون خالية عن الفائدة.
ويرد على الردّ الأول : أنّ الألفاظ وإن كانت أسامي للواقع ولكنّها مقيّدة بالعلم أو ما يقوم مقامه في الأحكام التكليفية ، ولا شكّ أنّ لزوم البيع هو وجوب العمل بمقتضاه ، كما أنّ تزلزله عدم وجوبه ، فيكون معنى قوله : كلّ بيع لازم : أنّ كلّما علمتم كونه بيعا فاعملوا فيه بمقتضى اللزوم ، ومعنى قوله : كلّ بيع وقع على المتغيّر فهو متزلزل : أنّ كلّما علمتم تغيّره فاحكموا بتزلزله. ولا شكّ أنّ عموم الأول يشمل ما علم تغيّره ، وما علم عدم تغيّره ، وما لم يعلم فيه شيء منهما ، خرج ما علم تغيّره بالثاني ، فيبقى الباقي على اللزوم بعموم أدلّته.
ولو سلّم عدم أصالة اللزوم والشكّ في كونه من أفراد اللازم أو المتزلزل ولزم بذل الجهد في تحصيل الواقع من أدلّته ، فنقول : من الأدلّة : أصالة عدم التغيّر ، وهي معيّنة للفرد اللازم ، فيجب القول به.
إلاّ أنّ في صحة أصالة عدم التغيّر مطلقا كلاما ، وهو أنّ المتبايعين إمّا متّفقان في حصول التغيّر ولكنّ البائع يدّعي حصوله وقت المشاهدة والمشتري يدّعي تأخّره ، كما إذا رأى عبدا سابقا ثمَّ اشتراه ، وكان في وجهه آثار الجدري ، وادّعى المشتري عدمها عند المشاهدة.
أو غير متّفقين ، بل يدّعي المشتري التغيّر ، والبائع ينكره ويقول : إنّه كان كذا عند وجوده في الخارج ، وهذا أيضا على قسمين :
لأنّ التغيّر المدّعى إمّا أمر زائد على قول البائع ، بمعنى : أنّ المشتري يدّعي وصفا زائدا على ما يقبله البائع ، كما إذا اشترى فرسا بعد مشاهدته