التراضي ـ فإرادة التراضي بأصل البيع فيها ممكنة ، بل يمكن أن يكون المراد بقوله : ربما زاد وربما نقص : السؤال عن الزيادة والنقيصة المعلومتين دون المحتملتين ، بل الأول مقتضى حقيقة اللفظ ، ولا كلام في اشتراط التراضي حينئذ كما مرّ.
فإن قيل : ما وجه تقييد الجواز بالتراضي في صورة العلم بالزيادة أو النقصان دون صورة الاحتمال ، مع أنّ فيها أيضا لا يتمّ الأمر بدون التراضي ، سواء أريد التراضي قبل المبايعة أو بعدها؟! قلنا : المراد بالتراضي هنا مقابل البيع ، والمعنى : أنّه لا يجوز أخذ المشتري الزيادة المعلومة في المظروف ولا البائع الزيادة المعلومة في الثمن بعنوان المبايعة ، وإنّما يجوز الأخذ بعنوان المراضاة ، بخلاف المحتملة ، فإنّ أخذه بالمبايعة جائز.
والتوضيح : أنّه إذا وزن سمن مع جلوده فكان مائة رطل ، فباع كلّ رطل منه بدرهم ، وعلم أنّ الجلد ثمانية أرطال ، فلو أسقط خمسة بإزائه كان المبتاع خمسة وتسعين رطلا من السمن ، وكان ما بيده اثنين وتسعين ، فيكون بعض الثمن ـ الذي هو ثلاثة دراهم ـ لا يكون بإزائه المثمن ، أمّا لو أعطاه الثلاثة دراهم بعنوان التراضي ـ لا بعنوان بيع كلّ رطل من السمن بدرهم ـ يكون جائزا.
وكذا إذا أسقط في المثال بإزاء الجلد عشرة أرطال ، فيبقى السمن المبتاع تسعون رطلا مع أنّه يزيد برطلين ، فيبقى الرطلان عنده بلا ثمن ، فلا يكون مبيعا. وأمّا لو أعطى المالك الرطلين بعنوان المراضاة والإباحة فيكون جائزا.
وكذا إذا كان البيع قبل الوزن ، كأن يبيعه تسعين رطلا من السمن ،