التصرّفات المذكورة في الصحيحين مفهمة للالتزام.
ويؤيّده توقّف تحقّق مقتضى حكمة وضع الخيار على نوع تصرّف.
وخالف فيه جماعة (١) ولعلّهم الأكثر ، فقالوا باللزوم بمطلق التصرّف ، لعموم الحدث في الحديثين.
ولا يخفى أنّ الحدث فيهما وإن كان عامّا إلاّ أنّ صدقه على كلّ تصرّف ممنوع ، كما يدلّ عليه جعله عليهالسلام إحداث الحدث رضا من المشتري في الحديث الأول ، فإنّه لا شكّ في أنّ كلّ تصرّف ليس رضا ، وكذا عطف الركوب على الحدث في الثاني ، مع أنّ الظاهر من إحداث الحدث في شيء تصرّف يوجب تغييرا فيه ، كالنعل وأخذ الحافر وجزّ الشعر وأمثالها.
نعم ، التمثيل للحدث في الأول باللمس والتقبيل والنظر وإن كان يفهم نوع تعميم فيه إلاّ أنّه ـ لكونه خلاف المعنى الظاهر من إحداث الحدث في شيء ، ولما مرّ من جعله دالاّ على الرضا ، وعطف الركوب عليه ـ لا يثبت الإطلاق.
والتحقيق : أنّ الصحيحة الأولى مجملة من هذه الجهة ، لجواز تقيّد الحدث فيها بالدالّ على الرضا وإبقاء قوله : « فذلك رضا منه » على حاله ، [ أو ] (٢) إرادة حكم الرضا من قوله « ذلك » وإبقاء الحدث على حاله ، فاللازم الأخذ بالمتيقّن ، وهو الدالّ على الرضا.
ولا ينافيه تفسير الحدث فيها ، لأنّه تفسير لأصل الحدث ، فيكون
__________________
(١) منهم ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٨ والحلبي في الكافي في الفقه : ٣٥٣ وصاحب الحدائق ١٩ : ٣٠.
(٢) في النسخ : إذا ، والظاهر ما أثبتناه.