« ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا » (١) أصبح الحج من الواجبات فى الاسلام وأصبح وجوبه حكما ثابتا فى الشريعة. ولكن إذا افترضنا أن المسلمين وقتئذ لم يكن فيهم شخص مستطيع تتوفر فيه خصائص الاستطاعة شرعا فلا يتوجه وجوب الحج إلى أى فرد من أفراد المسلمين لانهم ليسوا مستطيعين ، والحج إنما يجب على المستطيع ، أى إن وجوب الحج لا يثبت فى هذه الحالة لاى فرد بالرغم من كونه حكما ثابتا فى الشريعة ، فاذا أصبح أحد الافراد مستطيعا اتجه الوجوب نحوه ، وأصبح ثابتا بالنسبة إليه.
وعلى هذا الضوء نلاحظ أن للحكم ثبوتين : أحدهما ثبوت الحكم فى الشريعة. والاخر ثبوته بالنسبة إلى هذا الفرد أو ذاك.
فحين حكم الاسلام بوجوب الحج على المستطيع فى الاية الكريمة ثبت هذا الحكم فى الشريعة ولو لم يكن يوجد مستطيع وقتئذ إطلاقا بمعنى أن شخصا لو سأل فى ذلك الوقت ما هى أحكام الشريعة؟ لذكرنا من بينها وجوب الحج على المستطيع ، سواء كان فى المسلمين مستطيع فعلا أو لا ، وبعد أن يصبح هذا الفرد أو ذاك مستطيعا يثبت الوجوب عليه.
ونعرف على هذا الاساس أن الحكم بوجوب الحج على المستطيع لا يتوقف ثبوته فى الشريعة بوصفه حكما شرعيا إلا على تشريعه ، وجعله من قبل الله تعالى سواء كانت الاستطاعة متوفرة فى المسلمين فعلا أولا.
وأما ثبوت وجوب الحج على هذا المكلف أو ذاك ، فيتوقف إضافة
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧.