نية الاقامة التى يتوقف عليها صوم شهر رمضان ، والاستطاعة التى تتوقف عليها حجة الاسلام.
والفارق بين هذين القسمين أن المقدمة التى تدخل فى تكوين موضوع الوجوب يتوقف على وجودها الوجوب نفسه ، لما شرحناه سابقا من أن الحكم الشرعى يتوقف وجوده على وجود موضوعه ، فكل مقدمة دخيلة فى تحقق موضوع الحكم يتوقف عليها الحكم ولا يوجد بدونها ، خلافا للمقدمات التى لا تدخل فى تكوين الموضوع وإنما يتوقف عليها وجود المتعلق فحسب ، فان الحكم يوجد قبل وجودها ، لانها لا تدخل فى موضوعه.
ولنوضح ذلك فى مثال الاستطاعة والوضوء : فالاستطاعة مقدمة تتوقف عليها حجة الاسلام ، والتكسب مقدمة للاستطاعة ، وذهاب الشخص إلى محله فى السوق مقدمة للتكسب ، وحيث ان الاستطاعة تدخل فى تكوين موضوع وجوب الحج ، فلا وجوب للحج قبل الاستطاعة ، وقبل تلك الامور التى تتوقف عليها الاستطاعة.
وأما الوضوء فلا يدخل فى تكوين موضوع وجوب الصلاة ، لان وجوب الصلاة لا ينتظر أن يتوضأ الانسان لكى يتجه إليه ، بل يتجه إليه قبل ذلك ، وإنما يتوقف متعلق الوجوب أى الصلاة على الوضوء ، ويتوقف الوضوء على تحضير الماء الكافى ، ويتوقف تحضير هذا الماء على فتح خزان الماء مثلا.
فهناك إذن سلسلتان من المقدمات : الاولى سلسلة مقدمات المتعلق أى الوضوء الذى تتوقف عليه الصلاة وتحضير الماء الذى يتوقف عليه الوضوء ، وفتح الخزان الذى يتوقف عليه تحضير الماء.