مستوياتٍ متقاربة ، بل إنّ الكتاب في بعض مباحثه يتوسّع ويتعمّق ، بينما يختصر ويوجز في مباحث اخرى. فلاحظ ـ مثلاً ـ ما يشتمل عليه من تحقيقٍ موسّعٍ في ما يتّصل باعتبارات الماهيّة في بحث المطلق والمقيّد ، وما يشتمل عليه من توسّعٍ وإطنابٍ في مباحث الحسن والقبح العقليّين ، وما يشتمل عليه من توسّعٍ كذلك في إثبات جريان الاستصحاب في موارد الشكّ في المقتضي ، بل الملحوظ في كثيرٍ من بحوث الكتاب أنّه لا تنسيق بينها وبين بحوث الكفاية التي فرض منهجياً أن تكون بعده في الخطّ الدراسي ، فجملة من المسائل تعرض بنحوٍ أوسع ممّا في الكفاية وأعمق لا يبقى مبرّراً لدراسة المسألة نفسها من جديدٍ في الكفاية ، وجملة اخرى من المسائل تعرض موجزةً أو ساذجةً على نحوٍ يبقى للكفاية قدرتها على إعطاء المزيد أو التعميق.
وقد رأينا أنّ الاستبدال يجب أن يتمّ بصورةٍ كاملة ، فيعوّض عن مجموعة الكتب الدراسية الاصولية القائمة فعلاً بمجموعةٍ اخرى مصمّمةٍ بروحٍ واحدة ، وعلى اسسٍ مشتركة ، وعلى ثلاث مراحل ، وهذا ما قمنا به ـ بعون الله وتوفيقه ـ آخذين بعين الاعتبار النقاط التالية :
أوّلاً : أنّ الهدف الذي جعلنا على عهدة الحلقات الثلاث تحقيقه وصمّمناها وفقاً لذلك هو ما أشرنا إليه سابقاً من إيصال الطالب إلى مرحلة الإعداد لبحث الخارج ، وجعله على درجةٍ من الاستيعاب للهيكل العامّ لعلم الاصول ؛ ومن الدقّة في فهم معالمه وقواعده تمكِّنه من هضم ما يعطى له في أبحاث الخارج هضماً جيّداً.
ولهذا حرصنا على أن نطرح في الحلقات الثلاث أحدث ما وصل إليه علم الاصول من أفكارٍ ومطالب ، من دون تقيّدٍ بما هو الصحيح من تلك الأفكار والمطالب ؛ لأنّ الإعداد المذكور لا يتوقّف على تلقّي الصحيح ، بل على الممارسة الفنّية لتلك الأفكار ، وإن كنّا آثرنا اختيار الصحيح كلّما لم نجد محذوراً منهجياً وتدريسياً في ذلك ، ولكنّا أحياناً طرحنا وجهات نظرٍ غير صحيحةٍ وإن كانت حديثة ؛ لأنّ طرح وجهة النظر الصحيحة لم يكن بالإمكان أن يتمّ إلاّمن خلال طرح وجهة النظر غير الصحيحة ومناقشتها ، ومستوى الحلقة لا يتحّمل استيعاب كلّ ذلك ، فاقتصرنا على إعطاء وجهة النظر غير الصحيحة ؛ مؤجّلين إعطاء وجهة النظر النهائية إلى حلقةٍ