الشرعيات لو ترك المتشرعة إلى ميولهم العقلائية ، وفى حالة من هذا القبيل يكون عدم الردع والسكوت كاشفا عن الامضاء.
وقد تقدم فى بحث دلالات الدليل الشرعى غير اللفظى استعراض عدد من الاوجه لتفسير دلالة السكوت على الامضاء ، ويلاحظ هنا أن واحدا من تلك الاوجه لا يمكن تطبيقه فى المقام ، وهو تفسير الدلالة على أساس الظهور الحالى ، لان الكلام هنا فى حجية الظهور ، فلا يكفى فى إثباتها ظهور حال المعصوم فى الامضاء.
النحو الثانى : أن نتمسك بسيرة المتشرعة من أصحاب الائمة ، وفقائهم ، فاننا لا نشك فى أن عملهم فى مقام الاستنباط كان يقوم فعلا على العمل بظواهر الكتاب والسنة ، ويمكن إثبات ذلك باستعمال الطريق الرابع من طرق إثبات السيرة المتقدمة فلاحظ. وعلى هذا تكون السيرة المذكورة كاشفة كشفاإنيا مباشرا عن الامضاء ، ولا حاجة حينئذإلى توسيط قاعدة « أن السكوت كاشف عن الامضاء » على ما تقدم من الفرق بين سيرة المتشرعة والسيرة العقلائية.
ويواجه الاستدلال بالسيرة هنا نفس ما واجهه الاستدلال بالسيرة فى بحث حجية الخبر ، إذ يعترض بأن هذه السيرة مردوع عنها بالمطلقات الناهية عن العمل بالظن أو باطلاق أدلة الاصول.
والجواب على الاعتراض يعرف مما تقدم فى بحث حجية الخبر ، مضافا إلى أن ما دل على النهى عن العمل بالظن يشمل إطلاق نفسه ، لانه دلالة ظنية أيضا ، ولا نحتمل الفرق بينها وبين غيرها من الدلالات والظواهر الظنية ، فيلزم من حجيته التعبد بعدم حجية نفسه ، وما ينفى نفسه كذلك لا يعقل الاكتفاء به فى مقام الردع.