وأما الثانية ، فلانناإذا ادعينا أن سيرة المتشرعة من أصحاب الائمة كانت على العمل بظواهر الكتاب وإلا لعرف الخلاف عنهم فنفس هذه السيرة تثبت عدم صلاحية الاطلاق المذكور للردع ، بل تكون مقيدة له.
ومما يدفع به الاستدلال بالروايات المذكورة عموما ما دل من الروايات على الامر بالتمسك بالقرآن الكريم الصادق عرفا على العمل بظواهره ، وعلى إرجاع الشروطإليه وإبطال ما كان منها مخالفا له (١) ، فان المخالفة إن كان المراد بها المخالفة للفظه ، فتصدق على مخالفة ظاهره ، وإن كان المراد بها المخالفة لواقع مضمونه ، فمقتضى الاطلاق المقامى إمضاء ما عليه العرف من موازين فى استخراج المضمون ، فيدل على حجية الظهور.
وأوضح من ذلك ما دل على طرح ما ورد عنهم عليهمالسلام على الكتاب والاحجام عن العمل بما كان مخالفا له (٢) ، فانه لا يحتمل فيه أن يراد منه المخالفة للمضمون القرآنى المكتشف بالخبر ، لانه بصدد بيان جعل الضابط لما يقبل وما لا يقبل من الخبر ، كما أنه لا يحتمل اختصاص المخالفة فيه بالمخالفة للنص لندرة الخبر المخالف للنص ، وكون روايات طرح المخالف ناظرة إلى ما هو الشائع من المخالفة.
فان قدمت هذه الروايات الدالة على حجية ظواهر الكتاب على الروايات التى استدل بها على نفى الحجية فهو ، وإن تكافأ الفريقان فعلى
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٢ باب ٦ من ابواب الخيار.
(٢) الوسائل ، ح ١٨ باب ٩ من ابواب صفات القاضى.