التحفظ.
ويظهر من كلام المحقق النائينى رحمهالله أنه حاول الاستدلال على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، والبرهنة عليها. ويمكن تلخيص استدلاله فى وجهين :
أحدهما : أن التكليف إنما يكون محركا للعبد بوجوده العلمى لا بوجوده الواقعى ، كما هو الحال فى سائر الاغراض الاخرى ، فالاسد مثلاإنما يحرك الانسان نحو الفرار بوجوده المعلوم لا بوجوده الواقعى ، وعليه فلا مقتضى للتحرك مع عدم العلم. ومن الواضح أن العقاب على عدم التحرك مع أنه لا مقتضى للتحرك قبيح.
والاخر : الاستشهاد بالاعراف العقلائية ، واستقباح معاقبة الامر فى المجتمعات العقلائية مأموره على مخالفة تكليف غير واصل.
أما الوجه الاول فيرد عليه : أن المحرك للعبدإنما هو الخروج عن عهدة حق الطاعة للمولى ، وغرضه الشخصى قائم بالخروج عن هذه العهدة لا بامتثال التكليف بعنوانه ، فلا بد من تحديد حدود هذه العهدة ، وأن حق الطاعة هل يشمل التكاليف المشكوكة أولا؟ فان ادعى عدم الشمول كان مصادرة ، وخروج البيان عن كونه برهانا ، وإن لم يفرغ عن عدم الشمول ، فلا يتم البرهان المذكور ، إذ كيف يفترض أن التحرك مع عدم العلم بالتكليف بلا مقتض ، مع ان المقتضى للتحرك هو حق الطاعة الذى ندعى شموله للتكاليف المشكوكة أيضا؟!
وأما الوجه الثانى فهو قياس لحق الطاعة الثابت للمولى ( سبحانه وتعالى ) على حق الطاعة الثابت للامر العقلائى ، وهو قياس بلا موجب ، لان حق الطاعة للامر العقلائى مجعول لا محالة من قبل