الروايات رافعة لموضوع البراءة المجعولة فيه باعتبارها بيانا لوجوب الاحتياط ، وإن كانت البراءة فى دليلها مجعولة فى حق من لم يتم عنده البيان على التكليف الواقعى ، فروايات الاحتياط لا ترفع موضوعها ، ولكنها تعارضها ، ومع التعارض لا يمكن أيضا الاعتماد على أدلة البراءة.
ومثال النحو الاول من أدلة البراءة :
البراءة المستفادة من قوله تعالى : « وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا » ، فان الرسول اعتبر كمثال لمطلق البيان وإقامة الحجة ، وإقامة الحجة كما تحصل بايصال الحكم الواقعى ، كذلك بالايصال وجوب الاحتياط.
فروايات وجوب الاحتياط بمثابة بعث الرسول ، وبذلك ترفع موضوع البراءة.
ومثال النحو الثانى من أدلة البراءة [ : البراءة ] المستفادة من حديث الرفع أو الحجب ، فان مفاده الرفع الظاهرى للتكليف الواقعى المشكوك ، ومعنى الرفع الظاهرى عدم وجوب الاحتياط ، فالبراءة المستفادة من هذا الحديث وأمثاله تستبطن بنفسها نفى وجوب الاحتياط وليست منوطة بعدم ثبوته.
ونستعرض فيما يلى جملة من الروايات التى تدعى دلالتها على وجوب الاحتياط ، وسنرى أنها لا تنهض لاثبات ذلك :
فمنها : المرسل عن الصادق (ع) قال : « من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه » (١) ، ونلاحظ أن الرواية غاية ما تدل عليه الترغيب فى الاتقاء ، وليس فيها ما يدل على الالزام.
__________________
(١) جامع احاديث الشيعه ج ١ ب ٨ من أبواب المقدمات الحديث ٢٨.