فى أطراف العلم الاجمالى ، فهو تارة بلحاظ عالم الامكان ، واخرى بلحاظ عالم الوقوع.
أما بلحاظ عالم الامكان فقد ذهب المشهورإلى استحالة جريان البراءة وأمثالها فى كل أطراف العلم الاجمالى لامرين :
الاول : أنها ترخيص فى المخالفة القطعية ، والمخالفة القطعية معصية محرمة وقبيحة عقلا ، فلا يعقل ورود الترخيص فيها من قبل الشارع.
وهذا الكلام ليس بشىء ، لانه يرتبط بتشخيص نوعية حكم العقل بحرمة المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالاجمال ، فان كان حكما معلقا على عدم ورود الترخيص الظاهرى من المولى على الخلاف ، فلا يكون الترخيص المولوى مصادما له بل رافعا لموضوعة ، فمرد الاستحالة إلى دعوى أن حكم العقل ليس معلقا ، بل هو منجز ومطلق ، وهى دعوى غير مبرهنة ولا واضحة.
الثانى : أن الترخيص فى المخالفة القطعية ينافى الوجوب الواقعى المعلوم بالاجمال ، فبدلا عن الاستدلال بالمنافاة بين الترخيص المذكور وحكم العقل كما فى الوجه السابق يستدل بالمنافاة بينه وبين الوجوب الواقعى المعلوم لما تقدم من أن الاحكام التكليفية متنافية ومتضادة ، فلا يمكن أن يوجب المولى شيئا ، ويرخص فى تركه فى وقت واحد.
وهذا الكلام [ إنما يتم ] إذا كان الترخيص المذكور واقعيا ، أى لم يؤخذ فى موضوعه الشك ، كما لو قيل بأنك مرخص فى ترك الواجب الواقعى المعلوم إجمالا ، ولا يتم إذا كان الترخيص المذكور متمثلا فى ترخيصين ظاهريين كل منهما مجعول على طرف ومترتب على الشك فى ذلك الطرف ، وذلك لما تقدم من أن التنافى إنما هو بين الاحكام