ولكن الصحيح مع هذا عدم جواز التمسك بالاطلاق المذكور وذلك.
أولا : لان الترخيص فى المخالفة القطعية ، وإن لم يكن منافيا عقلا للتكليف الواقعى المعلوم بالاجمال ، إذا كان ترخيصا منتزعا عن حكمين ظاهريين فى الطرفين ، ولكنه مناف له عقلائيا وعرفا. ويكفى ذلك فى تعذر الاخذ باطلاق دليل البراءة.
وثانيا : إن الجامع قد تم عليه البيان بالعلم الاجمالى ، فيدخل فى مفهوم الغاية لقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) (١).
ومقتضى مفهوم الغاية أنه مع بعث الرسول وإقامة الحجة يستحق العقاب ، وهذا ينافى إطلاق دليل الاصل المقتضى للترخيص فى المخالفة القطعية.
وبذلك نصل إلى نفس النتائج المشار إليها سابقا على تقدير استحالة الترخيص فى المخالفة القطعية ، فلا تجرى البراءة فى كلا الطرفين ، لان ذلك ينافىالتكليف المعلوم بالاجمال ولو عقلائيا ، ولا تجرى فى أحدهما دون الاخر ، إذ لا مبرر لترجيح أحدهما على الاخر مع أن نسبتهماإلى دليل الاصل واحدة.
وقد اتضح من مجموع ما تقدم ، أن النتيجة النهائية بناء على مسلك حق الطاعة حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية معا ، وبناء على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان حرمة المخالفة القطعية وعدم وجوب الموافقة القطعية.
وبما ذكرناه على المسلك المختار يعرف أن القاعدة العملية الثانوية ،
__________________
(١) سورة الاسراء ١٥.