وقد لا يكون المستصحب حكما ولا موضوعا لحكم ، ولكنه سبب تكوينى أو ملازم خارجى لشىء آخر ، وذلك الشىء هو موضوع الحكم ، كما لو فرضنا أن حياة زيد التى كنا على يقين منها ثم شككنا فى بقائها سبب على تقدير بقائهاإلى زمان الشك لنبات لحيته ، وكان نبات اللحية موضوعا لحكم شرعى ، ففى مثل ذلك هل يجرى استصحاب حياة زيد لاثبات ذلك الحكم الشرعى تعبدا أولا؟.
والمشهور بين المحققين عدم اقتضاء دليل الاستصحاب لذلك ، وهذا هو الصحيح ، لانه إن اريدإثبات ذلك الحكم الشرعى باستصحاب حياة زيد مباشرة بلا تعبد بنبات اللحية فهو غير ممكن ، لان ذلك الحكم موضوعه نبات اللحية لا حياة زيد ، فما لم يثبت بالتنزيل والتعبد نبات اللحية لا يترتب الحكم ، وإن اريد إثبات نبات اللحية أولا باستصحاب الحياة ، وبالتالى إثبات ذلك الحكم الشرعى فهو خلاف ظاهر دليل الاستصحاب ، لان مفاده كما عرفنا تنزيل مشكوك البقاء منزلة الباقى ، والتنزيل دائما ينصرف عرفاإلى توسعة دائرة الاثار المجعولة من قبل المنزل لا غيرها ، ونبات اللحية أثر للحياة ولكنه أثر تكوينى وليس بجعل من الشارع بما هو شارع ، فهو كما لو قال الشارع : نزلت الفقاع منزلة الخمر ، فكما يترتب على ذلك توسعة دائرة الحرمة لا توسعة الاثار التكوينية للخمر بالتنزيل ، كذلك يترتب على استصحاب الحياة توسعة الاحكام الشرعية للحياة عمليا لا توسعة آثارها التكوينية التى منها نبات اللحية.
ومن هنا صح القول بأن الاستصحاب يترتب عليه الاحكام الشرعية للمستصحب دون الاثار العقلية التكوينية وأحكامها الشرعية.