الاصوليِّ للعناصر المشتركة نفسها أيضاً ، فنحن حينما ندرس ـ مثلاً ـ مسألة حجّية الخبر أو حجّية الظهور العرفيّ إنّما نحاول بذلك تحصيل العلم بواقع الحال في تلك المسألة ، فإذا لم يكن العلم والقطع حجّةً فأيّ جدوى في دراسة حجّية الخبر والظهور العرفي؟!
فالفقيه والاصوليّ يستهدفان معاً من بحوثهما تحصيل العلم بالنتيجة الفقهية ( تحديد الموقف العمليّ تجاه الشريعة ) أو الاصولية ( العنصر المشترك ) ، فبدون الاعتراف المسبق بحجّية العلم والقطع تصبح بحوثهما عبثاً لا طائل تحته.
وحجّية القطع ثابتة بحكم العقل ، فإنّ العقل يحكم بأنّ للمولى سبحانه حقّ الطاعة على الإنسان في كلّ ما يعلمه من تكاليف المولى وأوامره ونواهيه ، فإذا علم الإنسان بحكمٍ إلزاميٍّ من المولى ( وجوبٍ أو حرمةٍ ) دخل ذلك الحكم الإلزاميّ ضمن نطاق حقّ الطاعة ، وأصبح من حقّ المولى على الإنسان أن يمتثل ذلك الإلزام الذي علم به ، فإذا قصّر في ذلك أو لم يؤدِّ حقّ الطاعة كان جديراً بالعقاب ، وهذا هو جانب المنجّزية في حجّية القطع. ومن ناحيةٍ اخرى يحكم العقل أيضاً بأنّ الإنسان القاطع بعدم الإلزام من حقّه أن يتصرّف كما يحلو لَه ، وإذا كان الإلزام ثابتاً في الواقع والحالة هذه فليس من حقّ المولى على الإنسان أن يمتثله ، ولا يمكن للمولى أن يعاقبه على مخالفته ما دام الإنسان قاطعاً بعدم الإلزام ، وهذا هو جانب المعذّرية في حجّية القطع.
والعقل كما يدرك حجّية القطع كذلك يدرك أنّ الحجّية لا يمكن أن تزول عن القطع ، بل هي لازمة له ، ولا يمكن حتّى للمولى أن يجرِّد القطع من حجّيته ويقول : إذا قطعت بعدم الإلزام فأنت لست معذوراً ،