المستراح مستراحا لاستراحة النفس من أثقال النجاسات واستفراغ الكثيفات ، والقذر فيها ، والمؤمن يعتبر عندها أن الخالص من طعام الدنيا كذلك تصير عاقبتها فيستريح بالعدول عنها وتركها ، ويفرغ نفسه وقلبه عن شغلها ، ويستنكف عن جمعها وأخذها استنكافه عن النجاسة والغائط والقذر ، ويتفكر في نفسه المكرمة في حال كيف تصير ذليلة في حال ، ويعلم أن التمسك بالقناعة والتقوى يورث له راحة الدارين ، فان الراحة في هوان الدنيا والفراغ (١) من التمتع بها وفي ازالة النجاسة من الحرام والشبهة .
فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته اياها ، ويفر من الذنوب ، ويفتح باب التواضع والندم والحياء ، ويجتهد في أداء أوامره واجتناب نواهيه ، طلبا لحسن المآب وطيب الزلفى ، ويسجن نفسه في سجن الخوف والصبر ، والكف عن الشهوات الى أن يتصل بأمان الله تعالى في دار القرار ، ويذوق طعم رضاه فان المعول على ذلك وما عداه فلا شيء .
وتقدم عن فلاح السائل (٢) : قول الصادق ( عليه السلام ) : ان ملكا موكلا بالعباد ، اذا قضى احدهم الحاجة قلب عنقه فيقول : يا ابن آدم ، ألا تنظر الى ما خرج من جوفك فلا تدخله الّا طيبا ، وفرجك فلا تدخله في حرام .
٥٥٨ / ٢ ـ الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول : عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، انه قال في ذكر آداب الخلوة : فاذا نظر الى حدثه (١)
__________________________
(١) في نسخة : الفرار منه قدس سره .
(٢) تقدم في الباب ٥ ذيل الحديث ٤ .
٢ ـ تحف العقول ص ٧٧ .
(١) في المصدر . حدثه بعد فراغه .