فالأوّل منهما عن عباس بن هشام عن أبيه عن جده عن أبي صالح ...
وجهالة حال العباس قد تكفي في رد خبره ، وإن كان أبوه هشام بن محمّد ابن السائب الكلبي ممّن له ترجمة في الرجال وكذلك ، وجده أيضاً وإن أسيء القول فيه من بعضهم لأنّه روى فضيلة لآل محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) (١).
وأبو صالح هو باذام قال فيه القطان : « أرَ أحداً من أصحابنا تركه ، وما سمعت أحداً من الناس يقول فيه شيئاً » (٢).
فالخبر على ما في سنده من هناة تمنع من قبوله ولا مؤيداً لما قدّمناه من حضور ابن عباس وصية الإمام الحسن ( عليه السلام ) وتجهيزه ومشاركته في تأنيب عائشة ومروان : فهو لا دلالة فيه على أنّ لقاء مكة كان أوّل لقاء بين ابن عباس ومعاوية بعد موت الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وقول معاوية : « واعجباً للحسن ... » لا يدل على أكثر من بداية أموية استفزازية في إثارة ابن عباس.
أمّا الخبر الثاني فسنده عن المدائني عن ابن جعدبة = يزيد بن عياض ـ عن صالح بن كيسان.
وشهرة المدائني تغني عن تعريفه ، غير أنّ ابن جعدبة طعن فيه البخاري ويحيى ومالك ، وقد رماه بالكذب ، وقال فيه النسائي وغيره : « متروك » مع أنّه من رجال الترمذي وابن ماجة عند أصحاب الحديث.
أمّا صالح بن كيسان ، فقالوا فيه : « أحد الثقات والعلماء رُمي بالقدر » ، ونفى ابن حجر في لسان الميزان ذلك عنه فقال : « ولم يصح عنه ذلك » ، وهذا لا يجعل المتن مقبولاً ، ويكفي وجود ابن جعدبة ، فهو ساقط متناً لسقوطه سنداً ، نعم يبقى
____________________
(١) طبقات ابن سعد ٨ / ٤٧٩.
(٢) الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ٢ / ٦٩.