ذكروه بكنيته ( ابن عباس ) الّتي لم يعرف بها أحد سواه من أخوانه. ورأى بعض الباحثين احتمال رواية حضور المدينة لعبيد الله ، وحضور الشام لعبد الله ، لتشابه الاسمين خطاً ، وفاته تفاوتهما حظاً ممّا يستبعد ذلك الإحتمال فاين الصغير من الكبير ، وأين الرعديد الفطير من الصنديد الخبير ، ولغة الحوار في كلّ من الحضورين سواء في المدينة وما جرى له مع عائشة ومع مروان أو في الشام وما جرى له مع معاوية تأبى أن تكون لغير عبد الله بن عباس حبر الأمة. إذن كيف التوفيق بين الحضورين في آن واحد تقريباً؟
وعندي إنّ خير علاج لرفع التعارض هو ما ذكره ابن أعثم الكوفي ( ت ٣١٤ هـ ) في كتابه الفتوح (١) ، حيث ذكر اغراء معاوية لجعدة بسم الإمام ووعدها مبلغاً من المال كما وعدها بتزويجها من يزيد فوفى بالمال ولم يفِ بالزواج وانها تزوجت من آل طلحة فولدت فكان ابنها يعيّر ويقال له يا بن مسمة الأزواج وهذا ما ذكره غير واحد من المؤرخين ثمّ قال ما ترجمته :
« وأتى ابن عباس في يوم مجلس معاوية فقال له معاوية شامتاً : يا أبا العباس سمعت ان الحسن هلك ، فاسترجع عبد الله ثمّ قال : لا يسد موته حفرتك ، ولست بباق بعده طويلاً ، ونحن أهل بيت النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أصبنا باعظم من ذلك فجبر الله مصابنا ، ثمّ نهض وخرج ، فقال معاوية متعجباً من سرعة الجواب على وجه الصواب : لم أر في عمري أحضر جواباً ولا أعقل من عبد الله بن عباس » (٢).
____________________
(١) الفتوح الترجمة الفارسية / ٣٣٩ ط بمبئ.
(٢) ولقد أشار محقق الطبعة العربية لكتاب الفتوح ط دار المعارف بحيدر آباد وعنها افست ط دار الندوة الجديدة بيروت إلى سقوط النص من النسخة العربية فأكمله بالنص الفارسي في الهامش راجع ٤ / ٢٠٨ فما بعدها.